للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المصائب والمصايد حطمته عساكر الملك المنصورة وملأت الأقطار الجنود الموفورة فلا يخلو منها مكان قدم إلا وقد غص بمواطئ تلك الأمم فتذهب مناقرة العين وتدهك غلطاً تحت الرجلين وهذا هو البلاء الطام والمصاب العام ولا بد منه في كل عام فكأنه أيها النبيه النبيل في شأننا قد قيل:

أيا ابن آدم لا يغررك عافية ... عليك شاملة فالعمر ممدود

ما أنت إلا كزرع عند خضرته ... بكل شيء من الآفات مقصود

فان سلمت من الآفات أجمعها فأنت عند كمال الأمر محصود فضاق منا لهذا العطن فلم أر أوفق من مفارقة السكن والمهاجرة من الوطن فعرضت على القرينة هذه الحال وأسرت عليها بالارتحال وقلت لها المرء من حيث يوجد لا من حيث يولد فأبت وكبت وشاقت في: ذلك ونبت فلا زلنا نتحاور ونتشاور ويرمى كل منا سهم رأيه إذ يساور حتى لانت أخلاقها الصعبة بعد أن ثلث ما في الجعبة ثم أعطت القوس باريها وسلمت الدار بانيها وأدركت ملامح مقاصدي معانيها وسمحت بالانتقال من تلك البلاد وسلمت إلى يد تدبيري زمام الانقياد فرحلنا بعيده وقاسينا شدة شديدة وقصدنا هذا الحرم إذ رأيناه مشتملاً على اللطف والكرم وقطعنا شباك مصايد وخلصنا من إشراك كل صائد وفطمنا أنفسنا عن حبات الطمع وتجرعنا من كاسات الجزع وأقداح الفزع جرعاً بعد جرع فوصلنا بحمد الله إلى جنابك الأمين وبشرنا مبشر الإقبال أنك لكل خبر ضمين فحمدنا عند صباح الفلاح السرى وأنشدنا لسان السعد مبشرا:

وجدت من الدنيا كريماً نؤمه ... لدفع ملم أو لنيل جزيل

وإن لم يكن بيننا سابقة خدمة لكن تعارف أرواحنا له قدمه مع أن كرم ذاتك الجميلة وما جبلت عليه من صفات نبيلة يغني قاصد صدقاتك عن

<<  <   >  >>