وأما الجمهور الذين لا يقدرون على أكثر من الأقاويل الخطابية، ففرضهم امرارها على ظاهرها، ولا يجوز أن يعلموا ذلك التأويل اصلاً.
لا يجوز أن يكتب للعامة ما لا يدركونه
من أباح التأويل للجمهور فقد أفسده
فاذا الناس في الشريعة على ثلاثة اصناف: صنف، ليس هو من اهل التأويل اصلاً، وهم الخطابيون الذين هم الجمهور الغالب. وذلك انه ليس يوجد احد سليم العقل يعرى من هذا النوع من التصديق.
وصنف هو من اهل التأويل الجدلي، وهؤلاء هم الجدليون بالطبع فقط، أو بالطبع والعادة.
وصنف هو من اهل التأويل اليقيني، وهؤلاء هم البرهانيون بالطبع والصناعة، اعني صناعة الحكمة.
وهذا التأويل ليس ينبغي أن يصرح به لأهل الجدل فضلاً عن الجمهور. ومتى صرح بشيء من هذه التأويلات لمن، هو من غير اهلها، وبخاصة التأويلات البرهانية لبعدها عن المعارف المشتركة، افضى ذلك بالمصرح له والمصرح إلى الكفر. والسبب في ذلك أن مقصوده ابطال الظاهر واثبات المؤول، فاذا بطل الظاهر عند من هو من اهل الظاهر، ولم يثبت المؤول عنده، اداه ذلك إلى الكفر، أن كان في اصول الشريعة.