ان يكون العلم به ويختلف، والا فقد علم على غير ما هو عليه. فاذاً يجب احد امرين: اما أن يختلف العلم القديم في نفسه، أو تكون الحادثات غير معلومة له، وكلا الأمرين مستحيل عليه سبحانه.
ويؤكد هذا الشك ما يظهر من حال الانسان، اعني من تعلق علمه بالأشياء المعدومة على تقدير الوجود وتعلق علمه بها إذا وجدت. فانه من البين بنفسه أن العلمين متغايران، والا كان جاهلاً بوجودها في الوقت الذي وجدت فيه.
وليس ينجي من هذا ما جرت به عادة المتكلمين في الجواب عن هذا، بأنه تعالى يعلم الأشياء قبل كونها على ما تكون عليه في حين كونها من زمان ومكان وغير ذلك من الصفات المختصة بموجود موجود. فانه يقال لهم: فاذا وجدت، فهل حدث هنالك تغير أو لم يحدث؟ وهو خروج الشيء من العدم إلى الوجود. فان قالوا: لم يحدث فقد كابروا. وان قالوا: حدث هناك تغير، قيل لهم: فهل حدوث هذا التغير معلوم للعلم القديم ام لا؟ فيلزم الشك المتقدم. وبالجملة فيعسر أن يتصور أن العلم بالشيء قبل أن يوجد والعلم به بعد أن وجد علم واحد بعينه.