للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وبلغت بهم الجرأة والكراهة للحديث وأهلة إلى أن قالوا: إن رجلا استشار معروفًا الكرخي في صحبة إمام أهل السنة أحمد بن حنبل فقال له جوابه:

" لا تصحبه , فإن أحمد صاحب حديث , وفي الحديث اشتغال بالناس , فإن صحبته ذهب ما تجد في قلبك من حلاوة الذكر وحب الخلوة (١).

وابن عجيبة الحسني يحذر من مجالسة العلماء والاستماع إليهم بقوله:

" الجلوس معهم اليوم أقبح من سبعين عاميًّا غافلا وفقيرًا جاهلا , لأنهم لا يعرفون إلا ظاهر الشريعة , ويرون أن من خالفهم في هذا الظاهر مخطئ أو ضال , فيجهدون في رد من خالفهم , يعتقدون أنهم ينصحون وهم يغشون. فليحذر المريد من صحبهم والقرب منهم ما استطاع. فإن توقف في مسألة ولم يجد من يسأل عنها من أهل الباطن فليسأله على حذر , ويكون معه كالجالس مع العقرب والحية. والله ما رأيت أحدًا من الفقراء قرب منهم وصحبهم فأفلح أبدًا في طريق الخصوص " (٢).

وهذا مع إدعائهم " علمنا هذا مؤيد بالكتاب والسنة " (٣).

والجدير بالذكر أن المتصوفة كما يخالفون العلم والعلماء وطلب الحديث , يخالفون كذلك إسناد الحديث الذي ليس هو إلا من قوائمه , فلا يقوم إلا به , رغبة في ترويج أباطيلهم وأضاليلهم , وزيغهم وضلالهم كذبًا على نبي الله , وزورًا على رسوله صلوات الله وسلامه عليه كيلا يعرف الحق من الباطل , والصدق من الكذب , ويميز الصحيح من السقيم , وعلى ذلك نرى أن كتب أكثرهم مليئة بالأحاديث الموضوعة والروايات المختلقة المزورة المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كُتُب الغزالي فيلسوف الإسلام وفقيه المسلمين , ولما سئلوا عنها وعن مواردها ورواتها قالوا: روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام أو في اليقظة , مدَّعين تصحيحها عن النبي صلى الله عليه وسلم أو


(١) انظر ((قوت القلوب)) لأبي طالب المكي ج٢ ص٢٣٦.
(٢) ((ايقاظ الهمم)) لابن عجيبة الحسني ص ٩٧ ط مصطفى البابي الحلبي الطبعة الثالثة ١٤٠٢هـ.
(٣) انظر ((الرسالة القشيرية)) ج١ ص١١٨ , ((طبقات الأولياء)) لابن الملقن ص١٢٧ , ((حياة القلوب)) للأموي ص ٢٩٢ , ((اليواقيت والجواهر)) للشعراني ج٢ ص٩٣ , ((تنبيه المغتربين)) للشعراني ص٦ , ((جمهرة الأولياء)) للمنوفي ج٢ ص ١٤٩ , ((شرح كلمات الصوفية)) لمحمد الغراب ص ٢٠٧.

<<  <   >  >>