كما نقلوا ذلك عن أبي يزيد البسطامي , وسيأتي بيان ذلك مفصلاّ - إن شاء الله - في هذا الباب.
ويعلق على قول البسطامي هذا أحد المتصوفة المعاصرين:
" أقام الله أولياءه مقام الرسول في التفقه في الدين والإنذار, وهو الذي يدعو إلى الله عل بصيرة , كما يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم على بصيرة لا على غلبة ظن , كما يحكم عالم الرسوم , فشتان بين من هو فيما يفتي به ويقوله على بصيرة منه في دعائه , إلى الله وهو على بينة من ربه , وبين من يفتي في دين الله بغلبة ظنه , ثم إن من شأن عالم الرسوم عن الذب عن نفسه أنه يُجَهِل من يقول فهمني ربي , ويرى أنه أفضل منه وأنه صاحب العلم , إذ يقول من هو أهل الله إن الله ألقى في سري مراده بهذا الحكم في هذه الآية , أو يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في واقعتي فأعلمني بصحة هذا الخبر المروي عنه وبحكمه عنده , فمن ورث محمدًا في جمعيته كان له من الله تعريف بالحكم وهو من مقام أعلى من الاجتهاد, وهو أن يعطيه الله التعريف الإلهي أن حكم الله الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المسالة هو كذا, فيكون في ذلك الحكم بمنزلة من سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع إلى الله فيه فيعرف صحة الحديث من سِقَمه سواء كان الحديث عند أهل النقل من الصحيح أو مما تُكُلِّم فيه , فإذا عرف فقد أخذ حكمه من الأصل, لذلك قال أبو يزيد البسطامي في هذا المقام, وصحته تخاطب علماء زمانه علماء الرسوم: " أخذتم علمكم ميتًا عن ميت , وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت, يقول أمثالنا: حدثني قلبي عن ربي. وأنتم تقولون: حدثنا فلان , وأين هو؟ قالوا: مات , عن فلان وأين هو؟ قالوا: مات " فلا حجاب بين الله وبين عبده أعظم من نظره إلى نفسه وأخذه العلم عن فكره ونظره , وإن وافق العلم فالأخذ عن الله أشرف "(١)؟
ويقول الشعراني:
" أخبرني الشيخ محمد الشناوي أن ثم جماعة ببلاد اليمن لهم سند بتلقين الصلاة
(١) ((شرح كلمات الصوفية)) لمحمود الغراب ص ١٥٤ ط مطبعة زيد بن ثابت ١٤٠٢هـ.