للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحديث , فأحيانًا كان يقول: هذا الحديث ليس بصحيح , ولما سألته كيف عرفت ذلك؟

قال: لما تقرأ الحديث اشتغل بمشاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكلما قرأت الحديث الصحيح تبسم النبي صلى الله عليه وسلم وتنورت جبهته, وإذا مررت بحديث موضوع ظهرت كآبة على وجهه - عليه الصلاة والسلام - فبذلك أُمَيِّز الصحيح من الضعيف " (١).

ويصرح الدباغ قائلا:

" قد ينزل الملك على الولي , ويخبره بصحة حديث ضعفه العلماء " (٢).

فمن الغريب أن الصوفية إذا لم يجدوا السند في مسألة يدعون أنهم أخذوا عن الملك ,أو عن الخضر كما يقول الشعراني في مسألة اتصال السند بلبس الخرقة:

" فلا تستغرب يا أخي توقُّفَ بعض المحدثين في اتصال السند بلبس الخرقة , فإنه معذور في ذلك , لعسر استخراج ذلك من كتب المحدثين على غالب الصوفية , فرحم الله الحافظ بن حجر والجلال السيوطي في تبيينهما اتصال السند بذلك.

وإن الشيخ محي الدين بن عربي لم يطلع على اتصال سندهما من طريق النقل الظاهر, فأخذها من طريق الخضر - عليه السلام - لما اجتمع به حتى اعتمد عليه في السند " (٣).

وعبد الله الأنصاري الهروي أيضًا أنكر ضرورة الإسناد للعلم الصوفي حيث كتب: " العلم اللدني إسناده وجوده , وإدراكه عيانه , ونعته حكمه , ليس بينه وبين الغيب حجاب " (٤).

فالمعنى أن العلم اللدني لا يحتاج إلى إسناد , فوجوده إسناده.

فهكذا أرادوا نشر الجهل ومحو العلم بهدم القواعد وتحطيمها , التي لم تؤسس ولم


(١) ((تذكرة الأولياء)) لفريد الدين العطار ص ٢٧٧.
(٢) ((الإبريز)) للدباغ ص ١٥١ طبعة قديمة مصر.
(٣) ((الأنوار القدسية)) للشعراني ج١ ص ٣٠.
(٤) ((منازل السائرين)) للخواجه عبد الله الأنصاري الهروي ص١٣٢ نشر أفغانستان ١٣٥٠.

<<  <   >  >>