للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والضياء إلا الذين يحبون الجهل والظلام , لا يتمنون إلا الظلام الدامس , لأن النور يذهب بأبصارهم , ويقضي على رغباتهم وشهواتهم , وما أحسن ما قاله ابن الجوزي ردَّا على الصوفية في تركهم التشاغل بالعلم:

" أعلم أن أول تلبيس على الناس صدُّهم عن العلم , لأن العلم نور فإذا أطفأ مصابيحهم , خبطهم في الظلم كيف شاء ... وروي عن ضرار بن عمرو قال:

إنّ أقواما تركوا العلم ومجالسة أهل العلم , وأخذوا محاريب فصلوا وصاموا حتى يبس جلد أحدهم على عظمه , وخالفوا السنة فهلكوا , فو الله الذي لا إله غيره ما عمل عامل على جهل إلا كان ما يُفسد أكثر مما يصلح .... كما روي عن أبي الحسن بن سالم أنه قال:

جاء رجل إلى سهل بن عبد الله (التُّسْتَرِيُّ) وبيده محبرة وكتاب. فقال لسهل: جئت أن أكتب شيئًا ينفعني الله به. فقال: اكتب, إن استطعت أن تلقى الله وبيدك المحبرة والكتاب فافعل. قال: يا أبا محمد أفدني فائدة. فقال: الدنيا كلها جهل إلا ما كان علمًا , والعلم كله حجة إلا ما كان عملا , والعمل كله موقوف إلا ما كان منه على الكتاب والسنة , وتقوم السنة على التقوى. وعن سهل بن عبد الله أنه قال: احفظوا السواد على البياض, فما أحد ترك الظاهر إلا تزندق. وعن سهل بن عبد الله أنه قال:

احفظوا السواد على البياض , فما أحد ترك الظاهر إلا تزندق , وعن سهل بن عبد الله أنه قال:

ما من طريق إلى الله أفضل من العلم , فإن عدلت عن طريق العلم خطوة تهت في الظلام أربعين صباحًا ...

وروي عن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل أنه كان يرى المحابر بأيدي طلبة العلم فيقول: هذه سرج الإسلام , وكان هو يحمل المحبرة على كبر سنة , فقال له رجل: إلى متى يا أبا عبد الله؟ فقال: المحبرة إلى المقبرة (١).


(١) انظر ((تلبيس إبليس)) للإمام ابن الجوزي البغدادي المتوفى ٥٩٧هـ ص ٣١٠ وما بعد تحت عنوان ((تلبيس إبليس على الصوفية في ترك تشاغلهم بالعلم)) , ط دار القلم بيروت ١٤٠٣ هـ.

<<  <   >  >>