للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

غير مسطور في القرآن ولا مذكور في السنة , فهم يعملون حسب ما يلهمون , ويقولون حسب ما يكشف لهم مثل ما ينقل عبد القادر أحمد عطا عن الشعراني أن " الأولياء لهم علوم يتداولونها فيما بينهم لم يسطر في الكتاب , ولم يطرق سمع أحد علم منها, وهي كثيرة " (١).

وبمثل ذلك قال الأستاذ مصطفى عبد الرزاق المتعاطف على التصوف والمتصوفة:

" وأهل التصوف يؤثرون العلوم الإلهامية دون التعليمية , ويعدونها المعرفة الحقيقية والمشاهدة اليقينية التي يستحيل معها إمكان الخطأ.

ولذلك لم يحرصوا على دراسة العلم وتحصيل ما صنفه المصنفون , والبحث عن الأقاويل والأدلة , بل قالوا: إن الطريق إلى تحصيل تلك الدرجة بتقديم المجاهدة , ومحو الصفات المذمومة, وقطع العلائق كلها , والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى. فطريق الصوفية يرجع إلى تطهيرٍ محضٍ وجلاء ومحاسبة للنفس , ثم استعداد وانتظار للتجلي " (٢).

وعلى ذلك قال الشعراني:

" لا ينبغي لأحد أن يبادر إلى الإنكار على من أمره شيخه بحلق اللحية - بعد ما ذكر حكاية غريبة عن الشيخ عبد الغفار القوصي - أن بعض الأولياء كان جالسا يعظ الناس , فنزل من الكرسي وضرب شخصًا على رأسه من السامعين , ثم رجع إلى الكرسي فقال فقيه: هذا حرام عليك , أيش عمل هذا حتى تضربه؟

فقال المضروب: أنا أستحق ذلك , لأني اغتبت في نفسي وليًا من الأولياء المدفونين فضربني تعزيرًا , فخجل ذلك الفقيه من الشيخ , ثم إنه نزل وضرب شخصًا آخر, فسألوه عن ذلك. فقال: إنه خطر في نفسه أنه أفضل من العلماء الحاضرين. وقال له: كيف تفضل نفسك؟ أما علمت أن ذلك ذنب إبليس الذي أخرج به من الجنة؟ فقال


(١) انظر مقدمة كتاب ((الطبقات الصغرى)) لعبد الوهاب الشعراني عبد القادر أحمد عطا ص ١٠ الطبعة الأولى القاهرة ١٩٧٠.
(٢) ((التصوف)) مقال مصطفى عبد الرزاق عن التصوف ص٦٩ بيروت ١٩٨٤م.

<<  <   >  >>