للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مع اسشعار الحياء والأدب " (١).

فهذه هي آداب السماع عند الصوفية.

ومن أشنع ما استحدثوه وابتدعوه في السماع هو الوجد والتواجد والرقص , وقد بوّبوا لبيانها أبواباً مستقلة , وفصّلوا الفصول , وما هي إلا خرافات وخرافات , وسخافات وسخافات , واستخفاف العقل والاستهزاء بالفكر ولكن أنّى للقوم أن يتعقلوا ويتفكروا , فقال السراج الطوسي مبيناً للوجد في باب مستقل من لمعه تحت عنوان " في ذكر اختلافهم في ماهية الوجد " قال:

" اختلف أهل التصوف في الوجد ما هو؟ فقال عمرو بن عثمان المكي رحمه الله: لا يقع على كيفية الوجد عبارة لأنها سر الله تعالى عند المؤمنين الموقنين " (٢).

ونقل عن أحد المتصوفة أنه قال:

" إن الوجد مكاشفات من الحق , ألا ترى أن أحدهم يكون ساكناً فيتحرك ويظهر منه الزفير والشهيق ... وقال أبو سعيد أحمد بن بشر بن زياد الأعرابي رحمه الله:

" أول الوجد رفع الحجاب , ومشاهدة الرقيب الفهم , وملاحظة السبب , ومحادثة السر , وإيناس المفقود , وهو فناؤك أنت من حيث أنت.

قال أبو سعيد رحمه الله: الوجد أول درجات الخصوص وهو ميراث التصديق بالغيب , فلما ذاقوها وسطع في قلوبهم نورها , زال عنهم كل شك وريب.

وقال أيضاً: الذي يحجب عن الوجد رؤية آثار النفس والتعلق بالعلائق والأسباب , لأن النفس محجوبة بأسبابها , فإذا انقطعت الأسباب , وخلص الذكر وصحا القلب ورق وصفاً , وتجعت فيه الموعظة والذكر وحل من المناجاة في محل غريب وخوطب وسمع الخطاب بأذنه واعية وقلب شاهد وسر طاهر , فشاهد ما كان منه خالياً , فذلك هو الوجد , لأنه وجد ما كان عنده عدماً معدوماً " (٣).


(١) أيضاً ص ١٩٠.
(٢) كتاب اللمع للطوسي ص ٣٧٥ ط ... دار الكتب الحديثة مصر.
(٣) أيضاً ص ٣٧٥ , ٣٧٦.

<<  <   >  >>