وما أحسن ما قاله الإمام الذهبي في الشيخ عبد القادر الجيلاني.
" ليس في كبار المشايخ من له أحوال وكرامات أكثركم الشيخ عبد القادر لكن كثيراً منها لا يصح , وفي بعض ذلك أشياء مستحيلة. . . وفي الجملة الشيخ عبد القادر كبير الشأن وعليه مآخذ في بعض أقواله ودعاويه والله الموعد , وبعض ذلك مكذوب عليه " (١).
وما قاله الذهبي نقل مثله عن شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً , وهو صحيح , لا يظن أن مثل الشيخ عبد القادر الجيلي يتكلم بمثل ما نقلوا عنه ورووه ولا يقول بمثل ما حكوا عنه والله اعلم.
وعلى كل فإن الشيخ توفي بعد عمر طويل ناهزت تسعين سنة ٥٦١ هـ , ودفن ببغداد في مدرسته.
وهناك أوراد ووظائف ينقلونها عن الشيخ وعن خلفائه تسمى بأذكار القادرية وأورادها. وسنده في التصوف والخرقة إلى الحسن البصري حسب ما يزعمون , وأنه لبس الخرقة من الحسن رضي الله عنه مع أن لقاء الحسن البصري لم يثبت في القول الصحيح فهؤلاء هم القادرية وعقائدهم.
وبقيت هناك قضية كنا وعدنا بذكرها في ترجمة الجيلي , وهو علاقة الجيلي مع متصوفة عصره وزمانه , وعلى رأسهم معاصرة المشهور أبو العباس أحمد الرفاعي الذي ينازعه في الولاية والقطبية والغوثية وعلى رئاسة متصوفة ذلك الزمان.
فإن الرفاعية يقولون: إن الشيخ عبد القادر الجيلاني كان تحت رعاية وسيادة الرفاعي.
والقادرية يدّعون أن الأمر معكوس , وإن الرفاعي هو الذي كان تابعاً للجيلاني , والجيلاني كان متبوعاً , ثم يختلق كل واحد من هذه الطوائف روايات وحكايات فزّوره مكذوبة لترجيح وتفضيل سيدهم على الآخر.
فالرفاعية يحكون عن حسن النقيب أنه قال:
" حضرنا في مجلس الشيخ الكبير السيد أحمد مع جماعة من المشائخ الكبار ذوي القدر والافتخار أصحاب الكرامات والأسرار
(١) سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي ج ٢٠ ص ٤٥٠ , ٤٥١.