للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الطريق: ليس عندنا شيء من الزاد فقال:

توكلوا على الله وأنظروا إلى تلك الشجرة التي صارت ذهبا , فنظروا فإذا الشجرة من ذهب (١).

وروى ابن الملقن عن فتح الموصلي أنه قال: " رأيت غلاماً بالبادية لم يبلغ الحلم , وهو يمشي وحده ويحرك شفتيه , فسلّمت عليه , فرد علي السلام , فقلت: إلى أين؟ قال: إلى بيت ربي , فقلت: وبماذا تحرك شفتيك؟ فقال: أتلو كلام ربي. فقلت له: إنه لم يجر عليك قلم التكليف , فقال: رأيت الموت يأخذ من هو أصغر مني سناً. فقلت: خطوك قصير , وطريقك بعيد , فقال: إنما عليّ نقل الخطا وعليه الإبلاغ.

فقلت: فأين الزاد والراحلة؟

قال: زادي يقيني , وراحلتي رجلاي " (٢).

وأما تعاليم الإسلام فهي بعكسها تماما كما روى عن أبن عباس رضي الله عنه قال:

" كان أهل اليمن يحجون فلا يتزودون ويقولون: نحن المتوكلون , فإذا قدموا مكة سألوا الناس , فأنزل الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} (٣).

ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ورفاقه البررة بهذا النوع من التعطيل بل أمرهم بالطلب والعمل حيث قال:

(إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها , ألا فاتقوا الله , وأجملوا في الطلب) (٤).

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رجل: " يا رسول الله أعقلها وأتوكل أو أطلقها وأتوكل؟ قال: (أعقلها وتوكل) (٥).

وأما التوكل الصوفي فليس إلا إيثاراً للخمول والجلوس في الروابط والخانقاوات , وهروبا عن الجدّ والكدّ , والاجتهاد والجهاد كما يذكر السهروردي في عوارفه رواية


(١) تذكرة الأولياء للعطار ص ٦٤.
(٢) طبقات الأولياء لابن الملقن ص ٢٧٧ , ٢٧٨.
(٣) رواه البخاري.
(٤) رواه في شرح السنة والبيهقي في شعب الإيمان.
(٥) رواه الترمذي.

<<  <   >  >>