وتنظيمها وترتيبها , ثم جمعها وتأليفها , وسيكون ذلك الجزء مشتملا على أهم ما نريد أن يشتمل على طرق التصوف ومنشئيها , أعيانها وأكابرها , ولا يعني هذا بأن هذا الكتاب خال عن ذلك المبحث , لا ولا. ولكننا لم نبحث فيه إلا أهم الطرق وأشهرها بين الناس , وببعض الاختصار والاقتضاب بدون الإفاضة والإطناب , كما لم نرد ذكر المغالين المشهورين من المتصوفة وأفكارهم وعقائدهم , آرائهم وتعاليمهم - ولو أنهم كلهم غلاة ولكن غير المشهورين بالغلو - كالحلاج وابن سبعين ومحيي الدين ابن عربي وعمر بن الفارض وجلال الدين الرومي والسهروردي المقتول والقونوي والبقلي الشيرازي وغيرهم الكثيرين الكثيرين.
وكذلك بعض المواضيع التي لم نستطع التطرق إليها والإلمام بها في كتابينا هذين , ولها أهميتها في جلاء الفكر وتنوير الرأي وبيان الحكم , ونحاول قبل البدء في ذلك القسم من المبحث والكتاب , وأثناء هذه الفترة التي سنشتغل فيها حسب المخطط بفضل الله وتوفيقه في " المسيحية " , و " والبهرة والآغاخانية " , الجزء الثاني من كتابنا " الإسماعيلية " - نحاول أن نحصل على كتب ومصنفات الصوفية ووثائقهم ورسائلهم التي لم نحصل عليها بعد كي يجتمع للمعتنين بهذا الموضوع أكبر عدد ممكن من المراجع والمصادر فيه , وما ذلك على الله بعزيز.
وبعد فإن هذا هو الكتاب الثاني في موضوع التصوف يشتمل على أبواب ثمانية , لكل باب منه جزء مقسوم , ويبحث في أهم الجوانب الفكرية والعقائدية لهذه الطائفة من الناس.
فالباب الأول: " التطرف من لوازم التصوف " يشتمل على تعاليم الصوفية , التي لم تبن إلا على المغالاة والتطرف , وليست من الدين الوسط الذي قيل فيه على لسان من جاء به " إن الدين يسر " و " يسروا ولا تعسروا ".
وإن الله أنزله لهداية البشر وتهذيب النفوس لا لتعذيبها وحملها على ما لا تطيق {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} (١).
(١) سورة البقرة الآية ٢٨٦.