للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رسول الله الواضحة الجلية.

وإن المتصوفة لا يأبهون بالدنيا والآخرة كما لا يأبهون بالجنة والنار والثواب والعقاب , فينقلون عن إبراهيم بن أدهم أنه قال:

" إن كنت تحب أن تكون لله وليا وهو لك محباً فدع الدنيا والآخرة ولا ترغبن فيهما , وفرغ نفسك عنهما " (١).

ومثل ذلك ذكر القشيري والشعراني عن الحسين بن منصور أنه قال:

" علامة العارف أن يكون فارغاً من الدنيا والآخرة " (٢).

ونقلوا كذلك عن محمد المغربي الشاذلي أنه كان يقول: لا يصح لمريد قدم في طريق أهل الله عز وجل إلا بعد أن يزهد في الدنيا ونعيم الآخرة (٣)

ومثل ذلك ذكروا عن الجيلي أنه سئل عن الهمة فقال:

" هي أن يتعرى العبد بنفسه عن حب الدنيا , وبروحه عن التعلق بالعقبى " (٤).

وروى عن الشبلي أنه سمع قوله تعالى:

{مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} فصاح صيحة عظيمة وقال: فأين الذين يريدون الله تعالى (٥).

مع أن الله عز وجل ولم يفرّق بين إرادة الآخرة وإرادته هو سبحانه تعالى حيث قال: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٦).

فإرادة الآخرة نفس إرادة الله لا فرق بينهما.

ومدح الله تعالى عباده الذين يريدون الآخرة ويسعون لها بقوله:

{وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (٧).


(١) كتاب المحبة للمحاسبي ضمن كتاب ختم الأولياء للترمذي ص ٤٢٥ ط المكتبة الكاثوليكية بيروت.
(٢) الرسالة القشيرية لعبد الكريم القشيري ج ٢ ص ٦٠٥ , أيضا طبقات الشعراني ١ ص ١٠٧.
(٣) الأخلاق المتبولية للشعراني تحقيق الدكتور منيع عبد الحليم محمود ج ١ ص ٢٢٢.
(٤) الطبقات الكبرى لعبد الوهاب الشعراني ج ١ ص ١٢٧.
(٥) طبقات الشعراني ج ٢ ص ٧٢.
(٦) سورة الأنفال الآية ٦٧.
(٧) سورة الإسراء الآية ١٩.

<<  <   >  >>