للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شروط المؤذن:

-١ً- مسلمٌ: فلا يصح الأذان من كافر.

-٢ً- عاقلٌ: فلا يصح من طفل ولا مجنون، لأنهما غير أهل للعبادات. أما أذان الصبي العاقل ففيه وجهان، أحدهما: يصح لأنه مشروع لصلاته وهو من أهل العبادات وهذا الوجه هو المعتمد، الثاني: لا يصح لأنه إعلام بالوقت ولا يقبل فيه خبره.

-٣ً- ذكرٌ: فلا يصح من الأنثى الأذان ولا الإِقامة، لأنه يشرع فيهما رفع الصوت والنساء لسن من أهل ذلك، وكذا الخنثى المشكل لأنه لا يعلم كونه ذكراً.

-٤ً- عدلٌ: ولو ظاهراً، فلا يعتد بأذان ظاهر الفسق، لأنه الرسول عليه الصلاة والسلام وصف المؤذنين بالأمانة والفاسق غير أمين، (أما مستور الحال أي غير ظاهر الفسق فيصح أذانه بغير خلاف) وقيل يصح لأنه مشروع لصلاته وهو من أهل العبادات.

ما يسن للمؤذن:

-١ً- أن يكون أميناً، لأنه مؤتمن على الأوقات، ولأنه يؤذن في موضع عالٍ فلا يؤمن منه النظر إلى العورات.

-٢ً- أن يكون صيِّتاً (١) ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد اللله بن زيد رضي الله عنه في الحديث المتقدم: (فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتاً منك) ، ولأنه أبلغ في الإعلام المقصود بالأذان.

-٣ً- أن يكون عالماً بالأوقات ليتمكن من الأذان في أولها، فإن لم يكن عالماً بالوقت فلا يؤمن منه الخطأ. ⦗١٥٣⦘

-٤ً- أن يكون طاهراً من الحدثين، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤذن إلا متوضئ) (٢) ، والطهارة للإقامة آكد منها للأذان لأنها أقرب إلى الصلاة، فإن كان جُنباً كره له الأذان والإقامة، أما إن كان حدثه أصغراً فلا كراهة في أذانه وكرهت إقامته.

-٥ً- أن يكون بصيراً لأن الأعمى لا يعلم أوقات الصلاة، إلا أن يكون معه بصير يؤذن قبله كبلال مع ابن مكتوم.

وإن تشاحّ اثنان في الأذان قُدِّم أكملها في هذا الخصال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم بلالاً على عبد الله بن زيد رضي الله عنهما، فإن استويا في الصفات أقرع بينهما، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يَسْتَهِمُوا عليه لاستهموا) (٣) . وعن الإمام أحمد: يقدّم من يرضاه الجيران، لأن الأذان لإعلامهم فكان لرضاهم أثر في التقديم.

-٦ً- يستحب أن يؤذن قائماً، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا بلال قم فنادِ بالصلاة) (٤) ، ولأنه أبلغ في الإسماع. أما إن كان في سفر وأذن قاعداً أو راكباً جاز، لأن الصلاة آكد منه وجازت.

-٧ً- يستحب أن يؤذن على مكان مرتفع، لأنه أبلغ في الإعلام، وقد كان بلال رضي الله عنه يؤذن على سطح بيت امرأة، وأن يرفع صوته، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤذن يُغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس) (٥) ولا يجهد نفسه فوق طاقته لئلا ينقطع نفسه ويؤذي نفسه، وإذا أذن لنفسه في مصر أو لفائتة لم يجهر، أما إن كان في صحراء فيجهر في الوقت، لما ⦗١٥٤⦘ روى أبو سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن، جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة) (٦) .

-٨ً- أن يؤذن مستقبلاً القبلة، وأن يلتفت يميناً إذا قال: "حي على الصلاة" ويساراً إذا قال "حي الفلاح" ولا يزيل قدميه.

-٩ً- أن يجعل أصبعيه في أذنيه، لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه: (رأيت بلالاً يؤذن ويدور ويُتبع فاه ههنا وههنا وغصبعاه في أذنيه) (٧) .

-١٠ً- أن يترسل في الأذان وأن يحدر الإِقامة، لحديث جابر رضي الله عنه المتقدم: (يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدر) . ويكره التمطيط والتلحين، وفي رواية لا يصح الأذان بالتلحين لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذن يطرّب (ينغم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الأذان سمح فإن كان أذانك سهلاً سمحاً وإلا فلا تؤذن) (٨) .

-١١- يسن للمؤذن أن يرفع وجهه إلى السماء، وقبل عند الشهادتين وقيل عند كلمة الإخلاص.


(١) شديد الصوت ورفيعه.
(٢) الترمذي: ج-١/ كتاب الصلاة باب ١٤٧/٢٠٠.
(٣) الترمذي: ج-١/ كتاب الصلاة باب ٢٨/١٢٩.
(٤) الترمذي: ج-١/ كتاب الصلاة باب ١/١.
(٥) الترمذي: ج-١/ كتاب الصلاة باب ٣١/٥١٥.
(٦) البخاري: ج-١/ كتاب الأذان باب ٥/٥٨٤.
(٧) الترمذي: ج-١/ كتاب الصلاة باب ١٤٤/١٩٧.
(٨) رواه الدارقطني: ج-١/ص ٢٣٩.

<<  <   >  >>