للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنن صلاة الجنازة:

-١- أن يقوم الإِمام حذاء رأس الرجل أو صدره (١) ، وعند وسط المرأة، لما روي عن أبي غالب قال: (صليت مع أنس بن مالك رضي الله عنه على جنازة رجل، فقام حيال رأسه، ثم جاؤوا بجنازة امرأة من قريش، فقالوا: يا أبا حمزة (٢) صل عليها، فقام حيال وسط السرير، فقال له العلاء بن زياد: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام على الجنازة مقامك منها، ومن مقامك منه؟ قال: نعم فلما فرغ قال: احفظوا) (٣) .

وإن كان الأموات جماعة يجوز أن يُصلي عليهم صلاة واحدة، فيقدم الإِمام أفضلهم ويسوي بين رؤوسهم، فإن اجتمع رجال ونساء وصبيان وخناثى قدّم الرجال وإن كانوا عبيداً ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء.

-٢ً- أن تصلى جماعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها بأصحابه.

-٣ً- أن تكون ثلاثة صفوف فأكثر ولا ينقص الصف عن ثلاثة، ولكن إن كان المصلون أربعة جُعلوا صَفَّين، لحديث مالك بن هبيرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا وجب) . قال: فكان مالك إذا استقبل أهل الجنازة جزأهم ثلاثة صفوف (٤) . وإن اجتمع نساء فصلين عليه جماعة أو فردى فلا بأس، لما روي عن عائشة رضي الله عنها (أنها لم توفي سعد بن أبي وقاص أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يمروا بجنازته في المسجد فيصلين عليه، ففعلوا فوقف به على حُجرهن يصلي عليه) (٥) . ⦗٣٢٧⦘

-٤ً- أن يُسر بالقراءة والدعاء فيها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُسِرُّ بها.

-٥ً- أن يضع المصلي يمينه على شماله، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبَّر على جنازة فرفع يديه في أول تكبيرة، ووضع اليمنى على اليسرى (٦) .

-٦ً- رفع اليدين مع كل تكبيرة كتكبيرة الإحرام، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا صلى على الجنازة رفع يديه في كل تكبيرة وإذا انصرف سلم) (٧) .

-٧ً- الاستعاذة قبل القراءة لقوله تعالى: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) (٨) .

-٨ً- أن يقف بعد التكبيرة الرابعة قليلاً.

-٩ً- أن يسلم تسليمة واحدة ويلتفت عن يمينه، لما روى أبو هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على الجنازة فكبر عليها أربعاً وسلم تسليمة واحدة) (٩) .

-١٠- أن يدعو لنفسه ولوالديه وللمسلمين، قبل دعائه للميت، بما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فقال: (اللهم اغفر لحيِّنا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان، ومن توفيته منا فتوفَّه على الإسلام، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده) (١٠) .

-١١- أن يكون الدعاء للميت بما جاء في الأحاديث الشريفة، ومنها حديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة. فحفظت من دعائه وهو يقول: (اللهم اغفر له وارحمه وعافِهِ واعفُ عن. وأكرِم نُزُلَه. ⦗٣٢٨⦘ ووسع مُدْخَلَه واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس. وأبدله داراً خير من داره. وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه. وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر - أو من عذاب النار - قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت) (١١) .

وإن كان الميت طفلاً فيدعو لوالديه بالدعاء التالي: "اللهم اجعله لوالديه ذخراً وفرطاً (١٢) وسلفاً (١٣) وأجراً. اللهم ثقل به موازينهما (١٤) ، وأعظم به أجورهما. وألحقه بصالح سالف المؤمنين. واجعله في كفالة إبراهيم. وقِهِ برحمتك عذاب النار".

ولا يسن الاستفتاح في الصلاة على الميت ولا قراءة شيء بعد الفاتحة، كما لا تسن التسليمة الثانية، ولا الزيادة على أربع تكبيرات لأنها مشهورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى البيهقي بإسناد حسن إلى أبي وائل قال: كانوا يكبرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وستاً وخمساً وأربعاً فجمع عمر الناس على أربع كأطول صلاة) (١٥) . لكن إن كبر الإِمام خمساً جاز ويتبعه المأمومون.

تكرار الصلاة على الميت: يجوز تكرار الصلاة على الجنازة لمن لم يصلِّ أولاً ولو بعد الدفن، لما روي عن ابن نمير قال: (انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب، فصلى عليه، وصفوا خلفه، وكبّر أربعاً) (١٦) ، ولا يصلى على قبر بعد أكثر من شهر إلا بقليل، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه صلى على قبر أم سعد بن عبادة بعد شهر) (١٧) ، ولأنه لا يعلم بقائه بعد أكثر من شهر فتقيد به. ومن صلى على الجنازة مرة فلا يستحب إعادتها، لأنها نافلة وصلاة الجنازة لا يتنفل بها، أما من فاتته الصلاة عليه حتى دفن صلى على قبره كما تقدم. ⦗٣٢٩⦘


(١) وقوف المصلي عند صدر الرجل هو الأرجح في المذهب من الروايتين.
(٢) هذه كنية أنس رضي الله عنه.
(٣) الترمذي: ج-٣/ الجنائز باب ٤٥/١٠٣٤.
(٤) أبو داود: ج-٣/ كتاب الجنائز باب ٤٣/٣١٦٦.
(٥) مسلم: ج-٢/ كتاب الجنائز باب ٣٤/١٠٠.
(٦) الترمذي: ج-٣/ الجنائز باب ٧٥/١٠٧٧.
(٧) الدارقطني: ج-٢ /ص ٧٥.
(٨) النحل: ٩٨.
(٩) الدارقطني: ج-٢ /ص ٧٢.
(١٠) أبو داود: ج-٣/ الجنائز باب ٦٠/٣٢٠١.
(١١) مسلم: ج-٢/ كتاب الجنائز باب ٢٦/٨٥.
(١٢) فَرَطاً: أي أجراً يتقدمهما، أو سابقاً مهيئاً لمصالحهما في الآخرة.
(١٣) سلفاً: ثمناً للأجر والثواب الذي يجازى على الصبر عليه.
(١٤) وثقل به موازينهما: أي بثواب الصبر على فقده، أو الرضا به.
(١٥) فتح الباري: ٣/ص ٢٠٢، ورواه البيهقي" ج-٤ /ص ٣٧.
(١٦) مسلم: ج-٢/ كتاب الجنائز باب ٢٣/٦٨.
(١٧) الترمذي: ج-٣/ الجنائز باب ٤٧/١٠٣٧.

<<  <   >  >>