للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: الماء المتنجس:

تعريفه: هو الماء الذي خالطته نجاسة وكان قليلاً.

حكمه: لا يرفع حدثاً ولا يزيل خبثاً ويحرم استعماله في العادات إلا للضرورة كدفع لقمة غص بها ولا يوجد غيره. ويمكن استعمال الماء النجس في بل التراب أو الجبس أو نحوه وجعله عجيناً بشرط أن لا يبني به مسجداً أو مصطبة يصلى عليها وكذلك لا يحل بالانتفاع بأي مائع نجس كالخمر والدم.

كيف ينجس الماء؟

-١ً- الماء القليل: يتنجس إذا وقعت فيه نجاسة ولو لم تتغير صفة من صفاته ولو كانت النجاسة مما لا يدركه الطرف أو كانت جامدة لا تسري فيه لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب إن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب" (١) فدل على نجاسته من غير تغير صفة من صفاته. ولما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث (٢) يدل على ما كان دون القلتين ينجس.

-٢ً- الماء الكثير: وهو ما كان قلتين (٣) فأكثر، والقلة عبارة عن قربة من قرب الحجاز الكبيرة تسع مائة رطل، وقدرت القلتان تقريباً بسعة عشر تنكات. ⦗٤٢⦘

فإذا كان الماء عشر تنكات فأكثر لا ينجس إذا سقطت فيه نجاسة ما لم تُغير أحد أوصافه الثلاثة ولو تغيراً يسيراً بدليل الحديث المتقدم عن ابن عمر رضي الله عنهما: (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) (٤) وما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من بئر بضاعة؟ - وهي بئر يطرح فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماء طهور لا ينجسه شيء) (٥) . قال أبو داود: قدرت بئر بضاعة بردائي فوجدتها ستة أذرع. وجميع النجاسات سواء إلا بول الآدمي وعذرته المائعة فإن أكثر الروايات عن الإمام أحمد أنها تنجس الماء الكثير لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه" (٦) إلا إن بلغ حداً لا يمكن نزحه بحديث القلتين فيصبح البول كسائر النجاسات.

وإذا وقعت نجاسة في ماء كثير فغيرت بعضه، فالمتغير نجس، أما الذي لم يتغير فهو طاهر إن بلغ قلتين لأنه ماء كثير، فإن كان دون القلتين فهو نجس لأنه ماء قليل لاقى ماء نجساً. وإذا كان بين غديرين ساقية فيها ماء يتصل بهما فهما ماء واحد.

-٣ً- الماء الجاري: إذا تغير بعض جريانه بالنجاسة، فالجرية نجسة، وما قبلها وما بعدها طاهر. أما إن لم يتغير منه شيء فلا ينجس، لأنه ماء كثير يتصل بعضه ببعض. وقال بعض المتأخرين: حكم الجرية كحكم مائها، وإن كان قليلاً ينجس بوقوع النجاسة فيه ولو كانت جامدة ولم تغيره، أما إن كان كثيراً فلا ينجس بمروره على النجاسة إذا لم يتغير ⦗٤٣⦘.

-٤ً- ماء البئر: إن كان قليلاً ينجس بمجرد وقوع النجاسة فيه، أو سقوط حيوان له دم سائل ومات فيه سواء وقع من نفسه أو أوقعه أحد، أما إن كان كثيراً فلا ينجس إذا وقعت فيه النجاسة أو سقط فيه حيوان ومات ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة.


(١) مسلم: ج-١ / كتاب الطهارة باب ٢٧/٩١.
(٢) الترمذي: ج-١ / كتاب الطهارة باب ٥٠/٦٧.
(٣) مساحة القلتين مربعاً: ذراع وربع طولاً وعرضاً وعمقاً أي مكعب طول ضلعه ٦٠ سم تقريباً.
ومساحة القلتين مدوراً: ذراع طولاً وذراعان ونصف عمقاً أي اسطوانة قطرها ٤٨ سم وارتفاعها ١٢٠ سم.
(٤) الترمذي: ج-١ / الطهارة باب ٥٠/٦٧.
(٥) أبو داود: ج-١ / كتاب الطهارة باب ٣٤/٦٦.
(٦) مسلم: ج-١ / كتاب الطهارة باب ٢٨/٩٥.

<<  <   >  >>