للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنواعه وحكم استعماله:

آ- مباح الاستعمال كماء البحر والآبار والأنهار والعيون وهو:

-١ً- يرفع الأصغر والأكبر. إلا الطهور القليل الباقي بعد خلوة الأنثى المكلفة (بالغة عاقلة) به ولو كانت كافرة دون أن يراها مميز (سواء كان ذكراً أم أنثى حراً أم عبداً) لطهارة كاملة (أي لم يرها حتى انتهت من طهارتها كاملة) فإنه لا يرفع حدث الذكر البالغ ولا الخنثى والعلة بذلك تعبدية. إلا أنه يزيل خبث الرجب والخنثى ويرفع حدث أنثى أخرى. (أما التراب الذي تختلي به الأنثى المكلفة لا يضر) .

-٢ً- تزال النجاسة به.

-٣ً- يجوز استعماله في العادات للنظافة من الأوساخ وللشرب وللطبخ ولسقي الزرع ... إلخ.

ب- مكروه الاستعمال: في الحدث والخبث والعادات إذا وجُد غيره وإلا فلا كراهة في استعماله وهو:

-١ً- ماء بئر في مقبرة.

-٢ً- ماء بئر في أرض مغصوبة، أو ماء بئر حفر غصباً كأن أرغم الناس على حفر البئر مجاناً، أو حفرت البئر بأجرة مغصوبة.

-٣ً- الماء الشديد السخونة أو الشديد البرودة شدة لا تضر بالبدن.

-٤ً- الماء الذي سخن بمغصوب.

-٥ً- الماء المستعمل في طهارة مسنونة كتجديد وضوء، أو الغسلة الثانية أو الثالثة، أو غسل الجمعة لأنه لم يرفع حدث ولم يزل خبث. وعن الإمام أحمد: أنه غير مطهر لأنه استعمل في طهارة شرعية. ⦗٣٨⦘

-٦ً- الماء الذي يغلب على الظن تنجسه كالماء المستعمل في غسل كافر لأنه لم يرفع حدث ولم يزل خبث، وكذا الماء المستعمل في غسل ذمية من حيض أو نفاس لحل وطئها.

-٧ً- الماء الذي تغير طعمه بملح مائي (أما ما تغير طعمه بملح معدني فتُسلب طهوريته) .

-٨ً- ماء زمزم إن استعمل في إزالة خبت تشريفاً له.

-٩ً- الماء المسخن بنجاسة ولو بُرد.

-١٠ً- الماء المتغير بمجاورة مالا يختلط به كالدهن والكافور والعود.

حـ- محرم الاستعمال: وهو:

-١ً- الماء الطهور المسروق أو المنهوب (أخذ أمام صاحبه غصباً) : فإنه لا يرفع حدثاً إذا كان المتطهر ذاكراً إلا أنه يزيل خبثاً. أما إذا وضع ماء في آنية مغصوبة أو مسروقة فإن الطهارة تصح به إلا أن استعمال الآنية محرم.

-٢ً- الماء المسبل للشرب فقط: يحرم استعماله إلا أن الطهارة به تصح.

-٣ً- الماء الذي يُحتاج له لدفع عطش حيوان لا يجوز إتلافه شرعاً: يحرم استعماله إلا أن الطهارة به صحيحة.

أشياء لا تسلب الماء الطهور طهوريته ولا تجعله مكروه الاستعمال وهي:

-١ً- الماء المتغير بسبب ما في مقره أو ممره من أملاح ومعادن وأشياء أخرى كماء البحر والآبار والعيون والأنهار.

-٢ً- الماء المتغير بسبب التحلب وورق الشجر ما لم يوضعا عمداً من قبل بالغ عاقل فعندها تسلب طهوريته.

-٣ً- الماء المسخن بالشمس على أي حال ولو في غناء منطبع في قطر حار. ⦗٣٩⦘

-٤ً- الماء المتغير بطول مكث أو بالريح من نحو ميتة مجاورة.

-٥ً- الماء المتغير بسمك وجراد أو حيوان لا دم سائل له إن لم يكن من كنف ونحوها لمشقة الاحتراز منه سواء مات الحيوان أو بقي حياً.

-٦ً- إذا خالط الماء ما يوافقه في الطهورية كالتراب وما كالملح المائي المنعقد بالماء.

ثانياً: الماء الطاهر غير المطهر

تعريفه: هو الماء المستعمل غير المتنجس.

حكمه: لا يرفع حدثاً ولا يزيل خبثاً إلا أنه يستعمل في العادات (طبخ، شرب، تنظيف) .

أنواعه:

-١ً- الطهور الذي خالطه شيء من الطاهرات التي لا يعسر الاحتراز منها، وغيرت أحد أوصافه الثلاثة اللون أو الطعم أو الريح تغيراً فاحشاً بحيث خرج عن اسم الماء وقيد بالطهر المخالط له، أو غيرت صفتين أو ثلاث صفات تغيراً يسيرراً، أما إذا غيرت صفة واحدة تغيراً يسيراً فلا يضر لما روي عن عطاء بن يسار قال: (حدثتني أم هانئ أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو يغتسل قد سَتَرتْهُ بثوب دونه في قصعة فيها أثر العجين قالت: فصلى الضحى فما أدري كم صلى حين قضى غُسْله) (١) . وإذا زال التغير من نفسه عاد الماء إلى طهوريته. وإن كان مع المكلف ماء يكفيه لطهارته أو لا فزاده مائعاً لم يغيره صحت طهارته به.

-٢ً- الماء القليل (دون القلتين) المستعمل في رفع الحدث فهو طاهر غير مطهر. أما أنه طاهر فلحديث جابر رضي الله عنه قال: (مرضت مرضاً، فأتاني ⦗٤٠⦘ النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، وأبو بكر، وهما ماشيان، فوجداني أُغمي علي، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ثم صب وضوءه عليَّ فأفقت..) (٢) . ولأنه ماء طاهر لم تصبه نجاسة، وأما أنه غير مطهر فلأنه أزال مانعاً من الصلاة.

-٣ً- الماء القليل المستعمل في إزالة الخبث إن انفصل غير متغيرٍ بعد إزالة النجاسة. ومن قال بوجوب العدد في الغسلات (قيل سبعاً وقيل ثلاثاً) فالماء المنفصل عن الثوب المتنجس قبل الغسلة الأخيرة نجس، أما المنفصل في الثوب طاهر أيضاً. وإن انفصل الماء عن الأرض المتنجسة غير متغير بعد زوال النجاسة فهو طاهر (٣)

-٤ً- الماء الطهور القليل الذي انغمست فيه كل يد المسلم، المكلف، النائم ليلاً نوماً ينقص الوضوء قبل غسلها ثلاثاً، غسل اليدين بعد النوم ثلاثاً واجب للمسلم بشرط النية، والبسملة في المرة الأولى ولو باتت اليدان مكتوفين أو في جراب، وقد أسقط ماء غسل اليدين هذا الواجب فهو طاهر غير مطهر فإذا لم تغمس اليد كلها بل رؤوس الأصابع لا يضر إلا إذا كان ينوي بالغمس غسلها، وأما حصول ذلك مع نوم النهار والنوم مكناً مقعدته من الأرض فلا يضر، وكذا غمس الكافر يده بالماء القليل لا يضر لأنه لا يخاطب بفروع الشريعة، ولا يترتب عليه ما هو واجب للمسلم.

مسألة: إذا تغمس المحدث في ماء يسير ناوياً رفع حدثه صار الماء مستعملاً ولم يرفع حدثه لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه" (٤) وفي رواية أخرى عن: "لا يغتسل أحدكم في ⦗٤١⦘ الماء الدائم وهو جنب" (٥) . والنهي يقتضي فساد المنهي عنه لأنه بأول جزء انفصل منه صار مستعملاً فلم يرفع حدث سائر الجسد.


(١) النسائي: ج-١ /ص ٢٠٢.
(٢) البخاري: ج-٥/ كتاب المرضى باب ٥/٥٣٢٧.
(٣) هناك قاعدة: "إذا كان الماء وارداً على النجاسة فالحكم له، وإن كان موروداً فالحكم لها" أي إذا صببنا ماء على الأرض المتنجسة تطهر الأرض والماء المنفصل طاهر إن لم يتغير بها. أما إذا مكان الماء موجوداً في إناء وقعت فيه نجاسة فتنجسه.
(٤) مسلم: ج-١ / كتاب الطهارة باب ٢٨/٩٥.
(٥) مسلم: ج-١ / كتاب الطهارة باب ٢٩/٩٧.

<<  <   >  >>