للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ماهيته:

هو طهارة بالتراب تقم مقام الطهارة بالماء عند العجز عن استعماله، سواء كانت الطهارة من الحدث الأصغر الأكبر أو من الخبث عن البدن، إلا أنها إذا كانت من الحدث الأصغر فينبغي مراعاة الترتيب، فمثلاً إن أراد التيمم عن عضو جريح من أعضاء الوضوء تيمم عنه في وقت غسله فيما لو كان صحيحاً، أما إذا كانت الطهارة من الحدث الأكبر تيمم عن العضو الجريح قبل الغسل أو بعده، لأنه لا ترتيب في الطهارة الكبرى.

ويجوز التيمم للنجاسة على البدن بعد تخفيفها ما أمكن بمسح رطبها وحك يابسها لزوماً، ولا فرق في كون النجاسة على عضو صحيح أو جريح، فإن تيمم لها قبل تخفيفها لم يصح. ودليل جواز التيمم للنجاسة على البدن هو أن طهارة البدن مشروطة للصلاة فجاز التيمم عنها كطهارة الحدث.

وفي وجوب إعادة الصلاة التي تيمم لها عن النجاسة روايتان: إحداهما: لا تجب الإعادة لأنه صلى بنجاسة.

ولا يجوز التيمم عن النجاسة بغير البدن.

شروط جواز صحة التيمم:

أولاً: العجز عن استعمال الماء: وهنا حالتان:

أ- فقد الماء.

ب- الخوف على نفسه من استعمال الماء.

أ- فقد الماء:

دليله: قوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) وحديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد ماء عشر سنين، فإذا وجد الماء، فليمسه بشرته، فإن ذلك خير) (١) .

حالات فقد الماء:

إن انقطع عنه الماء إما بحبس الماء عنه، أو بحبسه عن الماء، كأن يقطع العدو الماء عن البلد، أو يعجز عن تناول الماء من البئر أو من غيره ولو بفم، تيمم وصلى ولا إعادة عليه.

أو إن كان مسافراً ووصل إلى بلد لم يجد فيها الماء، أو كان معه ماء يحتاج إلى شربه للعطش أو لشرب رفيقه أو بهائمه، أو كان بينه وبين الماء سبع أو عدو يخاف على نفسه أو ماله إن تركه وذهب لجلب الماء، ففي كل هذه الحالات جاز له التيمم سواء كان مسافراً أو مقيماً وسواء كان السفر قصيراً أو طويلاً.

وإن وجد ماء لا يكفي لطهارته إذا كان محدثاً حدثاً أصغر أو أكبر استعماله فيما يكفي وجوباً وتيمم عن الباقي من أعضائه، ولا يصح تيممه قبل استعماله (كما لو كان بعض بدنه صحيحاً وبعضه جريحاً فإنه يلزمه غسل الصحيح والتيمم عن الجريح) لقوله تعالى: (فلم تجدوا ماء) وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) (٢) وحديث (فإذا وجد الماء، فليمسه بشرته) .

وإذا وجد مريد التيمم تراباً قليلاً لا يكفيه لتيممه استعمله وصلى ثم يعيد الصلاة إن وجد ما يكفي من ماء أو تراب.

وكذا إن وصل المسافر إلى الماء وقد ضاق الوقت عن طهارته به. أو علم أن نوبة استسقائه منه لا تصل إليه إلا بعد خروج الوقت أو دخول وقت الضرورة، عدل [ص-١٠٩] إلى التيمم لأنه غير قادر على استعمال الماء في الوقت فأشبه العادم له. أما غير المسافر فلا يعدل إلى التيمم ولو فاته الوقت لتشاغله بتحصيله أو استسقائه، لأن الله تعالى قال: {فلم تجدوا ماء} وهذا واجد له، حتى ولو خاف فوات الجنازة، أما عند الإمام أحمد رضي الله عنه فيجوز لأنه لا يمكن استدراكها.

ومن أرق الماء، أو مر به وأمكنه الوضوء منه، وهو يعلم أنه لا يجد غيره في الوقت، ولم يتوضأ، أو باعه، أو وهبه، وقد دخل الوقت ولم يترك منه شيئاً يتطهر به، فقد حرم عليك ذلك، ولم يصح البيع ولا الهبة لتعلق حق الله تعالى به كالأضحية المعينة، ثم إن لم يجد غيره تيمم وصلى وليس عليه إعادة لعدم القدرة على الماء.

وإذا اجتمع الحدث الحدث ونجاسة خبث على البدن والثوب، وكان معه ماء لا يكفي للجميع، فإنه يغسل ثوبه (لأنه لا يصح التيمم عن نجاسته) بشرط سبع مرات وإلا فهو كعدمه، ثم إن فضل شيء من الماء غسل النجاسة من على بدنه، ثم إن فضل شيء تطهر به وإلا تيمم وجوباً، أما إذا كانت النجاسة في أعضاء الوضوء فيبدأ بالوضوء، لأن ماء الوضوء يرفع الحدث ويزيل الخبث.


(١) الترمذي: ج-١/الطهارة باب ٩٢/١٢٤.
(٢) البخاري: ج-٦/ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب ٢/٦٨٥٨.

<<  <   >  >>