للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ب- الخوف على نفسه من استعمال الماء:

وأسباب هذا الخوف هي:

-١- المرض: كجروح أو قروح أو حمى، فيجوز للمكلف التيمم إذا خاف أن يؤدي استعمال الماء إلى تلف عضو أو زيادة مرض أو تباطؤ شفاء أو حدوث شين فاحش في جسمه، والدليل قوله تعالى: (وإن كنتم جُنباً فاطهروا. وإن كنتم مرضى أو على سفر) (١) وقوله أيضاً: (ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج ولكن يريد ليطهركم) (٢) . ⦗١١٠⦘ وإن كان بعض بدنه صحيحاً وبعضه جريحاً غسل الصحيح وتيمم للجريح جنباً كان أو محدثاً حدثاً أصغر، لما روى جابر رضي الله عنه قال: (خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات. فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك فقال: قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العِيّ السؤال، إنما كان يكفي أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده) (٣) . وليس عليه إعادة الصلاة في جميع الأحوال حتى ولو كان الجرح في أعضاء التيمم.

-٢- شدة البرد: والدليل ما روى عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (احتلمت في ليلة باردة، في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" (٤) . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً) (٥) ، ولأن خاف على نفسه أشبه بالمريض. ولا إعادة عليه إن كان مسافراً، أما إن كان في حاضراً ففي لزوم الإعادة روايتان، إحداهما: لا تلزمه الإعادة، والثانية: تلزمه الإعادة، وهي الرواية المعتمدة، لأنه ليس بمريض ولا مسافر فلا يدخل في عموم الآية، ولأن الحضر مظنه إسخان الماء، فالعجز عن التسخين عذر غير متصل، وإن قدر على تسخين الماء لزمه كما يلزمه شراء الماء.

ثانياً: طلب الماء:

يجب على فاقد الماء طلبه بدليل قوله تعالى: (فلم تجدوا ماء) ولا يتحقق عدم الوجود إلا بعد الطلب، فإن تيمم قبل طلبه لم يصح تيممه، ولأنه بدل فلا يجوز العدول إليه قبل طلب المبدل. ⦗١١١⦘


(١) و (٢) المائدة: ٦.
(٣) أبو داود: ج-١/ كتاب الطهارة باب ١٢٧/٣٣٦.
(٤) النساء: ٢٩.
(٥) أبو داود: ج-١/ كتاب الطهارة باب ١٢٦/٣٣٤.

<<  <   >  >>