الاسْتِغَاثَة:
-١ تعريف المُسْتغَاث:
هو ما طُلِبَ إقبَالُه لِيُخلَّص من شِدَّة أو يُعينَ على مشَقَّة.
-٢ ما يَتَعَلق به من أحكام: يتعلَّقُ بالمُسْتغاثِ أحْكامٌ هي:
-١ اختصَاصُه بـ "يَا" من بينِ أدوات النِّداءِ، مَذْكُورةً وجوباً.
-٢ غَلَبَةَ جَرِّه بـ "لامٍ" مفتوحةٍ في أوَّلِه، وإنْ اقتَرَن بـ "أَلْ"، وهي لام الجَرّ، فُتِحتْ للفَرق بينها وبينَ لام "المُسْتَغاق مِنْ أجْلِه" في نحو "يَا للهِ لَعَليٍّ".
-٣ ذكر مُسْتَغَاثٍ من أَجْلِهِ بعدَه جَوَازاً إمَّا مَجْرورٍ باللامِ المكْسورَةِ، سَواء أكانَ مُنْتَصَراً عليه، نحو "يا لَعَلِيٍّ لظَالِمٍ لا يخافُ الله" أمْ مُنْتصِراً له يحو "يا لَعُمَر لِلْمِسْكين".
وإما مجرورٍ بـ "من" نحو:
يَا لَلْرِّجَالِ ذَوِي الأَلْبَابِ مِن نَفَر ... لاَ يَبْرَحُ السفَهُ المُرْدِي لهم دِينا
-٤ أنه إذا عُطِفَ على المُستغَاث، فإن أُعِيدَتْ "يا" معه فُتحَتْ لامُه نحو:
"يا لَقَومي ويَا لَأَمْثَالِ قَوْمي ... لأُناسٍ عُتُوُّهُم في ازْدِياد"
وإن لم تُعِد "يا" معه كسرت لامه نحو:
قول الشاعر:
يَبكيكَ نَاءٍ بَعيدُ الدّار مُغتَرِبٌ ... يَا لَلْكهُولِ وللشِبانِ لِلعجَبِ
-٥ ويَجوزُ أن لا يُبتدأ المُسْتَعاثُ باللام فالأكثر حِينَئذٍ أن يُحتَمَ بالألف عوضاً عن اللام، ولا يجتمعان كقوله:
يَا يَزِيدَا لِآمِلٍ نَيْلَ عِزَّ ... وغِنىَ بَعْدَ فاقَةٍ وَهَوَانٍ (فـ "يزيدا" مُسْتغاث والألف فيه عِوضٌ من اللام و "لآملٍ" مُسْتغاث له وهو اسمُ فاعل و "نيلَ" مفعولٌ به)
قد يخلو المُسْتغاثُ من اللام والألف فيُعْطَى ما يستحقُّه لو كان مُنادة غيرَ مُستغاثٍ كقولِ الشاعر:
أَلاَ يَا قَومِ لِلعَحَبظِ العَجيبِ ... وَلِلغَفَلاتِ تَعْرِضُ للأرِيب ("يا قوم" مُستَغاث مضاف لياءِ المتكلم المَحذُوفةِ اجْتِزَاء بالكسرة. والأريب: العالم بالأمور.
أمَّا مع اللام، فهو مُعَرب مجرورٌ باللام، ومع الألف فهو مبني على الضم المقدر لمناسبة الألف في محل نصب.
-٣ المُتعَّجبُ منه:
هو المستغاثُ بعَيْنه أُشرِب مَعْنى التَّعَجُّب من ذاتِه أو صفتِه نحو: "يَا لَلْحَرِّ" تَعَجُباً من شِدَّتِهِ و "يَا لَلدَّوَاهي" عند استِعْظامِها.
-٤ هاء السَّكْت:
وفي حَالِ وَصْلِهِ بالأَلِفِ إذا وُقِف على كلٍّ مِنْهُمَا يجُوز أن تَلْحَقَه "هاء السَّكْت" نحو "يَا زَيْداهُ" و "يا دَوَاهِيَاهُ".
-٥ حُطْم صِفَةِ المُسْتَغَاثَ جَرَرْتَ صفته، نحو "يَا لإِبْرَاهيمَ الشُّجاعِ للمَظلوم".
-٦ قد يكون المستغاث مستغاثاً من أَجْلِهِ كأن تقول: "يا لَلْقاسِم لِلْقَاسِم"، أي أجعوك لتُنْصِفَ مِن نَفْسِك.
-٧ حَذْفُ المستغاث:
قد يُحَّف المستغاثُ فيلي "يا" المستغاثُ مِنْ أجْلِهِ كقوله:
يَا لِأُنَاسٍ أبَوْا إلاَّ مُثابَرَةً ... عَلى التَّوَغُّلِ فِي بَعْيٍ وعُدْوَانِ
أي يا لَقَومِي لأناس.
الاسْتِفْهَام:
-١ تَعْريفه:
هُو طَلبٌ الفَهم بالأدَواتِ المخصُوصةِ.
-٢ حَرفا الاستِفهام:
للاسْتِفْهامِ حَرْفان: "هَلْ" و "الهَمزة". (= فيحرفيهما) .
-٣ أسماء الاسْتِفهام:
تسعة وهي: "مَا، ومَن، وأيّ، وكَمْ وكَيْف، وأيْنَ، وأَنَّى، ومَتَى، وأَيَّان".
(= في أحرفها) .
-٤ أدوات الاستفهام من حيث التَّصَور والتَّصديق.
جميعُ أَسْماءِ الاستِفهام لِطَلَبْ التَّصَوُّر (التصور: طلب إدراك المفرد فقولك "كيف أنتَ" استفهام عن مفردٍ وهو "أنت") . لا غير. إلاّ "هل" فإنَّها لِطَلبِ التصديق (التصديق: طلب إدْراك النسبة فقولك: "هل زيدٌ قادم" تستفهم عن قدومِ زيد هذه هي النسبة، لا عن زيد وحدَه) لا غير، والهمزة مشترِكةٌ بينهما.
-٥ يَقْبُح في حُروف الاستِفهام أَنْ يصيرَ بعدها الاسمُ وبَعده فعلٌ:
وصُورةُ ذلك أن يَأْتيَ بعدَ أسماءِ الاستفهام وحروفِه: "هل" اسمٌ وبعد الاسْم فِعْلٌ.
فلو قلتَ: "هلْ زيدٌ قامَ" و "أيْنَ زَيدٌ ضَرَبْتَه" لم يَجُز إلاّ في الشعر، فإذا جاءَ في الشعر نَصَبْتَه فتقول مثلاً: "أينَ زيداً ضَرْبتَهُ؟ ".
فإنْ جِئتَ في سائرِ أسماءِ الاستفهامِ وحرفِه "هَلْ" - باسم وبَعْد ذلك الاسم اسْمٌ مِنْ فِعْلٍ - أي اسمٌ مُشْتَقٌّ - نحو "ضَارِب" جاز في الكلام، ولا يجوزُ فيه النَّصْبُ إلاّ في الشِّعر، فلو قلت: "هل زَيدٌ أنا ضاربُه". لكان جَيِّداً في الكلام، لأنَّ ضَارِباً اسمٌ في مَعْنَى الفِعْل، ويجوز النصبُ في الشعر.
أمَّا هَمْزةُ الاستِفْهَامِ فتختلف عن هذه الأحكام لأنها الأصْلُ.
(= همزة الاستفهام) .
-٦ إعرابُ أسماءِ الاستِفهام:
إنْ دَخَلَ على هذه الأسماءِ جَارٌّ، أو مُضافٌ فَمحلٌّها الجَرُّ نحو {عَمَّ يَتَساءلُون؟} (الآية "١" من سورة النبأ "٢٨") ونحو: "صبيحَة أيِّ يَوْم سَفَرُك؟ " و "غلامُ مَنْ جَاءَك؟ " وإلاّ فإنْ وَقَعَتْ على زمانٍ نحو {أَيَّان يُبْعَثُون؟} (الآية "٢١" من سورة النحل "١٦") أو مَكَانٍ نحو {فأْينَ تَذْهَبُون؟} (الآية "٢٦" من سورة التكوير "٨١") . فهي مَنْصُوبةٌ مفعولاً فيه. أو حَدَثٍ نحو {أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبون} (الآية "٢٢٧" من سورة الشعراء "٢٦") . فهي مَنْصُوبةٌ مفعولاً مُطْلَقاً، وإلاَّ فإن وَقع بعدَها اسْمٌ نَكِرَةٌ نحو "مَنْ أبٌ لك: فهي مُبْتَدأةٌ، أو اسمٌ مَعْرِفة نحو "مَنْ زَيدٌ" فهي خبر، وعند سيبويه مبتدأ وبعدها خَبَر، وإلاَّ فإنْ وقَعَ بعدَها فِعلٌ قَاصِرٌ فهي مبتدأةٌ نحو "مَنْ قام" وإن وقعَ بعدها فعلُ متَعدٍّ فإن كان واقعاً عليها فَهْيَ مَفْعولٌ به، نحو: {فأيَّ آياتِ الله تُنكِرُون} (الآية "٨١" من سورة غافر "٤٠") ونحو: {أيَّاماً تَدْعُوا} (الآية "١١٠" من سورة الإسراء "١٧") ونحو "مَنْ يُؤَنِّبُ المعَلِّمُ؟ ". وإن كان واقعاً على ضَميرها نحو " مَنْ رَأيْتَه" أو متعلَّقِها نحو "مَنْ رأيتُ أَخَاه؟ " فهي مُبْتدأة أو منصُوبةٌ بمحذوفٍ مُقدَّر بعدها يُفَسِّره المذكور.