للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القَسَم: هو تَوْكيدِ لِكَلامِكَ، فإذا حلَفتَ على فِعلٍ غَيرِ مَنفِيٍّ لم يَقَعْ لَزِمَتهُ اللاَّمَ النُّونُ الخَفِيفَةُ أو الثَّقِيلةُ في آخِرِ الكَلِمة، وذلكَ قولُكَ: "واللهِ لأَفعلَنَّ".

ومِنَ الأَفعال أشياءُ فيها مَعنَى اليمين، يَجرِي الفعلُ بَعدَها مَجرَاهُ بَعدَ قولِكَ: "واللهِ" وذلِكَ قولُكَ: "أُقسِم لأَفعَلَنَّ" و "أَشهَدُ لأَفعَلَنَّ" و "أقسَمتُ باللهِ عَلَيكَ لتَفعَلَنَّ".

والقَسَم إمَّا علَى إضمارِ فعلٍ أو إظهارِه، تقول: "أحلِفُ بالله لأَفعَلنَّ" أو باللهِ، أوْ واللهِ، ولا يَظهرُ الفِعلُ إلا بالباءِ لأنَّها الأصلُ.

وإنْ كانَ الفِعلُ قَدْ وَقَعَ وحَلفتَ عَليه لم تَزِد على اللاَّمِ، وذلكَ قولُكَ: "واللهِ لَفَعَلتُ" وسُمِعَ من العَرَب من يقول: "واللهِ لَكَذَبتَ" فَنُونُ التَّوكيدِ لا تَدْخُلُ على فِعلٍ قَد وقَعَ، وإذا حَلَفتَ عَلى فِعلٍ مَنفِيٍّ لم تُغَيِّر عَنْ حالِه التي كانَ عَلَيها قبلَ أنْ تَحلِفَ، وذلكَ قولُكَ: "واللهِ لا أفعَلُ".

وقَدْ يَجُوز لك - وهُو مِنْ كَلامِ العَرَبِ - أَنْ تَحذِفَ "لا" وأَنتَ تُرِيدُ مَعنَاهَا، وذلك قولُك: "واللهِ أَفعلُ ذلك أَبَدَاً؛ تريد: واللهِ لا أَفعلُ ذلك أَبَدَاً، وقال الشاعر:

فَخَالِفْ فلا واللهِ تَهبِطُ تَلعَةً ... من الأرضِ إلاَّ أنتَ للذُّلِّ عَارِفُ

(التلعة من الأضدَاد: يقال لما انحدر من الأرض، ولما ارتفع، وأراد الشاعر، ما انحدر من الأرض) . يريد: لا تَهبطُ تَلعةً (الشرط والقسم) ويقول سيبويه: سَأَلتُ الخليلَ عن قَوْلِهم: "أقسَمتُ عَلَيكَ إلاَّ فَعَلتَ" لم جَازَ هذا في هَذا المَوضِعِ؟ فقال: وَجهُ الكَلامِ، لَتَفعَلَنَّ، هَا هُنا، ولكنهم إنَّما أجَازُوا هَذا لِأَنَّهُم شَبَّهُوهُ: بِنَشَدْتُكَ الله، إذْ كانَ فيه مَعنَى الطَّلَب.

وأجَابَ الخليلُ عن قول: لَتَفعَلَنَّ، إذا جَاءَتْ مُبتَدأةً لَيسَ قَبلَها ما يُحلفُ به، قال: إنَّما جاءَتْ على نِيَّةِ اليَمِين وإنْ لم يتكلَّم بالمَحلُوفِ به.

<<  <  ج: ص:  >  >>