الإضَافَة:
-١ ضَمُّ كلمةٍ إلى أُخْرَى بتَنْزِيلِ الثانية منزلةَ التنوين من الأولى، والقَصْدُ منها: تعريفُ السَّابِقِ باللاَّحِقِ، أو تَخْصِيصُه به، أو تخفيفه نحو "كتابُ الأستاذ" و "ضوءُ شَمْعةٍ" و "هو مُدَرِّسُ الدَّرْسِ". أي الدرس المعهود، وأَصْلُهَا: هو مُدَرِّسٌ الدَّرْسَ.
-٢ ما يُحذَفُ بالإضافة:
يُحذَفُ - بالإضافة - من الاسم الأول: التنوينُ، ونونُ مُثَنَّى أو جَمعِ مُذكرِ سالمٍ، وما أُلْحِقَ بهما، نحو "دارُ الخلافَةِ" {تَبَّت يَدا أبي لَهَبٍ} (الآية الأولى من سورة المسد "١١١") و "سافر قَاصِدُو الحَجِّ" و {أُولُو الأَرْحَامِ} (الآية "٧٥" من سورة الأنفال "٨") . ولا تُحذَفُ النُّونُ التي تَظْهَرُ عليها علامةُ الإعراب - وهي النونُ الأصلية - نحو "بَسَاتينُ عليٍّ" و "شياطِينُ الإنس".
-٣ عاملُ المضافِ إليه:
يُجرُّ المُضافُ إليه بالمُضَافِ لا بالحرف المَنْوِي.
-٤ الإضَافَةُ بمعنى "اللام" أو "مِن" أو "في":
الغالبُ في الإضافةِ أن تَكونَ بمعنى "اللاَّمَ" ودُونَها أن تكونَ بمعنى "مِن" ويَقلُّ أن تكون بمعنى "في" (الإضافة بمعنى "في" لم تثبت عند جمهور النحاة) . وضابط التي بمعنى "في" أن يكونَ المضافُ إليه ظرفاً للمضاف نحو {مَكْرُ اللَّيلِ} (الآية "٣٣" من سورة سبأ "٣٤") .
و {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} (الآية "٤١" من سورة يوسف "١٢") .
وضابطُ التي بمعنى "مِن" أن يَكون المضافُ بعضَ المضافِ إليه، مع صِحةِ إطلاقِ اسمِهِ عليه نحو "خَاتَمُ ذَهَبٍ" و "قمِيصُ صُوفٍ" فتقديره: خَاتَمٌ مِن ذَهَب، وَقَمِيصٌ مِن صُوف وظاهرٌ: أن الخَاتَمَ بَعضُ الذَّهب. والقَمِيصَ بعضُ الصوف، ويقال: "هذا الخاتم ذهبٌ" و "هذا القميصٌ صوفٌ". فإذا انْتَفَى الشَّرطانِ معاً نحو "كِتَابُ أحمدَ" و "مصباحُ المَسْجِد" أو الأوْل فقط كـ "يَومِ الجمعة" أو الثاني فقط كـ "يَدِ الصَّانِعِ" فالإضافة بمعنى "لامِ المِلك أو الاخْتِصَاص".
طولُ اللَّيالي أسْرَعَتْ في نَفْضِي ... نَقَضْنَ كُلِّي ونَقَضْنَ بَعْضِي
ولا يجور "قامَت غُلامُ هِنْدٍ" الإنتفاء الشرط المذكور، وهو إمكانُ الاسْتِغْنَاءِ بالمضافِ إليه عن المُضَاف.
ومن الثاني وهو تَذْكِيرُه لِتَذْكِيرِ المُضَافِ إليه قولُه:
إنَارَةُ العَقْلِ مَكْسُوفٌ بِطوعِ هَوىً ... وَعَقْلُ عَاصِي الهَوَى يزداد تَنْوِيراً
قال: مَكْسوفٌ، ولم يَقل مكسوفة ولا يجوز "قامَ امْرأةُ خالدٍ" لعدم صلاحِيَّةِ المُضَافِ للاسْتِغْنَاء عَنْه بالمُضافِ إليه.
(الرَّابع) التَّخْفِيف كقوله تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ} (الآية "٩٥" من سورة المائدة "٣") .
وقوله: {ثَانِيَ عِطْفِه} (الآية "٩ - ١٠" من سورة الحج "٢٢") . (= التفصيل في اسم الفاعل وأبنيته وعمله ٧) .
(الخامس) الظَّرفية نحو {تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ} (الآية "٢٤" من سورة إبراهيم "١٤") وقول الراجز:
"أنَا أبُو المِنْهَالِ بَعْضَ الأحْيانْ".
(السادس) المَصْدرية نحو: {وَسَيَعْلمُ الذين ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون} (الآية "٢٢٧" من سورة الشعراء "٢٦") فـ "أيَّ" مفعولٌ مُطلَق ناصِبُه ينقلبُون.
(السَّابع) وجُوبُ التّصدِير ولهذا وجَبَ تقديمُ المُبْتدأ في نحو: "غُلامُ مَنْ عِنْدَك" وتقديمُ الخَبَرِ في نحو "صَبِيحةَ أيّ يومٍ سَفَرُكَ".
(الثامِن) البناءُ، وذلك في ثلاثة أبواب:
(أ) أنْ يكونَ المضافُ مُبْهماً كـ "غَيْر ومِثْل ودُون" فمثلُ "غَيْر" قولُ أبي قيسِ بيِ الأَسْلَت:
لم يَمْنَعِ الشَّرْبَ فيها غسْرَ أَنْ نَطَقَتْ ... حَمَامَةٌ فِي غُصُونٍ ذاتِ أوْ قَالِ
و"غيَرَ" فاعل بـ "لَم يَمْنَع" وقد بُنِيتْ على الفتح. ومِثَال "مِثْل" قَوْلُه تعالى: {إنَّه لَحَقٌّ مثلَ مَا أَنَّكم تَنْطِقُون} (الآية "٣٣" من سورة الذاريات "٥١") . الأكثَر على فَتْح "مِثْلَ" وهي صفة لِـ "لَحقٌّ" مبنية على الفتح، ومِثال "بينَ" قوله سبحانه: {لقَدْ تَقَطَّع بيْنَكُمْ} (الآية "٩٤" من سورة الأنعام "٦") . فيمن فتح "بيتاً" ويؤيده قراءة الرفع.
(ب) أن يكونَ المضافُ زماناً مُبْهماً، والمضاف إليه "إذْ" يحو {ومِنْ خِزْي يَوْمِئذٍ} (الآية "٦٦" من سورة هود "١١") يقرآن بِجَرِّ يومٍ وفتحه.
(جـ) أن يكونَ زماناً مُبْهماً والمضاف إليه فِعلٌ مبنيٌّ بِنَاءً أصْلِيّاً أو بِنَاءً عَارِضاً، أمَّا الأصليُ كقول النابغة:
عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ المَشِيب على الصِّبَا ... وقُلْتُ ألَمَّا أَصْحُ والشَّيْبُ وازِعُ
وأمَّا العَارِض فكقَوْل الشاعر:
لأَجْتَذِبَنْ مِنْهُنَّ قَلْبي تَحلُّما ... على حينَ يَسْتَصْبِيبنَ كلَّ حَلِيم
فإن كانَ المضافُ إليه فِعلاً مُعَرباً،
أو جملةً اسميةً وَجَبَ الإعراب عند البَصْريين، ولكنَّ قراءَةَ نافِعٍ في قوله تعالى: {هذا يومَ يَنْفعُ الصَّادِقِين} (الآية "١١٩" من سورة المائدة "٥") بفتح "يومَ" وقراءة {يومَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لنَفْسٍ شَيْئاً} (الآية "١٩" من سورة الانفطار "٨٢") بفتح "يوم" تجعلان جَوازَ البناء صحيحاً.
-٩ الإضافةُ إلى المُرَادِفِ، وإلى الصِّفَةِ وإلى المَوْصُوف:
ولا يُضافُ اسمٌ إلى مُرادِفه كـ "قمْحِ بُرٍّ" ولا مَوْصُوفٌ إلى صفتِه كـ "رجلِ عالمٍ" ولا صفةٌ إلى موصوفها كـ "عالِم رجلٍ". فإنْ سُمِعَ ما يُوهِم شَيْئاً مِن ذلك يُؤوَّل، فمن الأول المرادفِ قولهم: "سعيدُ كُرْزٍ" (الكرز: خرج الراعي، ويطلق على اللئيم والحاذق) وتأويله: إن يُرادَ بالأوَّل المسمّى، وبالثاني: الاسم. أي: سعيدٌ المُسمَّى كُرْزاً.
ومن الثاني - وهو إضافةُ المَوصُوفِ إلى صِفَتِهِ - قولهم: "حَبَّةُ الحَمْقاء" و "صلاةُ الأُولَى" و "مسْجِدُ الجَامِع".
وتأويلُه: أن يُقدَّر موصُوف، أي حَبَّةَ البَقْلَةِ الحَمْقاء، وَصَلاةُ السَّاعةِ الأُولَى، ومَسْجِدُ المكانِ الجَامع، ومن الثالث - وهو إضافةَ الصِّفةِ إلى موصُوفها - قولُهم: "جَرْدُ قَطيفةٍ" (الجرد: الخَلَق، والقطيفة: كساء له خَمَل) و "سحْقُ عِمامةٍ" (السُّحق: البالي) . وتأويله: أن يُقَدَّر إضافَةُ الصِّفةِ إلى جِنْسِها، أي: شيءٌ جَرْدٌ من جِنْس القَطِيفَة. وشيءٌ سُحْقٌ مِن جِنْس العِمَامَة.
-١٠ الأسْماءُ بالنَّسْبة للإضَافَة: الأسماءُ بالنسبة لصَلاحِيَّتِها للإضَافةِ أو امْتِنَاعِهَا أو وُجُوبِهَا ثلاثَةُ أقْسامٍ:
(أ) أن تكونُ صالحةً للإضافة والإفراد وذلك هو الغالب كـ "ورق وقلم، وعَمل وأرض وغير ذلك كثير".
(ب) أن تمتنع إضافَتُها "كالمُضْمَرات". و "أسماءِ الإشارة" و "المَوْصُولات" - سوى "أيّ" - و "الإعْلاَم" و "أسماء الشَّرْط" و "أسْماءُ الاسْتِفْهام" - عدا "أيّ" منهما - فالأربعة الأولى مَعارف والبواقي شَبيهاٌ بالحرف.
(جـ) أنْ تجبَ إضافَتُها، وذلك على نَوْعين:
(١) ما يجبُ إضافتُه إلى المفرد (المراد بالمفرد هنا: ما يقابل الجملة) .
(٢) ما يجبُ إضافتُه إلى الجُمَل.
فالأولُ: قِسمان: قِسمُ يَجُوزُ لَفْظاً قَطْعُه عَنِ الإضَافَةِ وهو "أيّ" و "بعْض" و "كلَ" (انظر كُلاً في حرفه) بشرطِ ألاَّ يَكونَ "كلّ" نعتاً لا توكيداً نحو: {كُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُون} (الآية "٣٣" من سورة الأنبياء "٢١") . {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بَعضٍ} (الآية "٢٥٣" من سورة البقرة "٢") .
والقِسْمُ الآخَرُ يَلزَمُ الإضافةَ لفظاً وهو ثلاثةُ أنْوَاع:
(١) ما يُضَافُ إلى الظاهِرِ مَرَّةً، وإلى المُضْمَر أُخْرَى، وهو "كِلاَ وكِلْتا" و "عنْد وَلَدَى" (=في حروفها) .
و"قصَارى الأمْرِ وحُمَادَاه" (أي الجهد والغاية) . و "سوَى" (=في أحرفها)
(٢) مَا يَخْتَصُّ بالظَّاهر، وهو "أُولُو أُولاَتُ، وذُو، وذات" وفروعُهما. قال تعالى: {نَحْنُ أولُو قُوَّةٍ} (الآية "٣٣" من سورة النمل "٢٧") . {وأولاتُ الأحْمَالِ} (الآية "٤" من سورة الطلاق "٦٥") ، {وَذَا النُّونِ} (الآية "٨٧" من سورة الأنبياء "٢١") و {ذاتَ بَهْجَة} (الآية "٦٠" من سورة النمل "٢٧") .
(٣) ما يَخْتَصُّ بالمُضمَر، إمَّا مُطلَقاً وهو "وحْدَه" نحو {إذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ} (الآية "١٢" من سورة غافر "٤٠") .
وإمَّا لخُصُوصِ ضَميرِ المخاطَب، وهو مَصادِرُ مُنثَنَّاةٌ لَفْظاً، ومَعْناها: التكثير، وهو: "لَبَّيْكَ" و "سعْدَيكَ" و "حنَانَيْكَ" و "دوَالَيْكَ" و "هذَا ذَيْكَ". (=جميعَها في أحرفها) .
وأمَّا النَّوْعُ الذي يجبُ إضافَتُه إلى الجمل فهو قِسمان:
(أ) ما يضاف إلى الجمل مُطلقاً وهو "إذْ" و "حيْث" نحو {واذْكُرُوا إذْ أَنْتُمْ قَلِيل} (الآية "٢٦" من سورة الأنفال "٨") و {اذْكُرُوا إذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ} (الآية "٨٦" من سورة الأعراف "٧") ، "اجْلِسْ حيث جَلَسَ صاحبُك" أو "حَيْثُ صَدِيقُك جالِسٌ" (="إذ وحيث" في حرفيهما) .
(ب) ما يَخْتَصُّ بالجملِ الفِعْلِيَّة، وهو "لمَّا" الحِينيةُ عِنْد من جَعَلها اسماً نحو "لَمَّا جَاءَني عليٌّ أكْرَمْتُهُ" و "إذَا" وتُضافُ إلى الجُملةِ المَاضَوِيَّة غَالِباً، وَقَلَّ أنْ تضافَ إلى الجُمْلَةِ المُضارِعيَّة، (=في حرفيهما) .
وأمَّا قَوْلُ الفَرَزْدق:
إذا بَاهِلِيٌّ عِنْدَهُ حَنْظَلِيَّة ... لَهُ ولدٌ مِنْها فَذَاك المُذَرَّعُ
(المُذَرَّع: الذي أنُّه أشرف من أبيه، وحَنْظَلة: أكرم قبيلة في تميم) .
فعلى تأويلِ إضمار "كان" إي إذا كان "باهليٌّ".
-١١ إضافةُ أسْماءِ الزَّمَانِ المُبْهَمة: كلُّ ما كانَ مِنْ أسْماءِ الزَّمَان بمنزلة "إذْ" أو "إذا" في كوْنِه اسْمَ زَمَانٍ مُبْهَم لِمَا مَضَى أو لِمَا يَأْتي، فإنه بمَنْزِلَتِهما فيما يُضافَانِ إليه.
فَلِذَلِكَ تَقول" "جِئْتُكَ زَمَنَ الثَّمرُ ناضِجٌ" أو "زمَنَ كانَ الثَّمرُ نَاضِجاً". لأنَّه بِمَنْزِلَةِ "إذْ" وتقول: "أزُورُكَ زَمَنَ يَهْطِلُ المَطرُ" ويَمْتَنِعُ "وضمنَ هُطُولِ المطَر" لأنه بمنزلة "إذا" ومثل "زَمَن" في الإبهام "حِينَ، ووقتَ، ويومَ".
وأمَّا قولُه تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلى النَّارِ يُفْتَنُون} (الآية "١٣" من سورة الذاريات "٥١") . وقولُ شَوادِ بنِ قارِب:
فَكُنْ لي شَفِيعاً يومَ لا ذُو شَفاعَةٍ ... بمُغنٍ فَتِيلاً عن سَوادش بن قَارب
(الفتيل: ما يكون في شق نواة التمر وهو كناية عن الشيء القليل) .
فمِمّا نُزِّلَ المستقبلُ فيه منزلةَ الماضي لتحقُّق وقُوعه.
ويجُوزُ في هذا النوعِ: الإعرابُ على الأصلِ، والبناءُ حَمْلاً عليهما فإنْ كان ما وَلِيَه فِعْلاً مَبْنِياً، فالبناءُ أرجَحُ للتَّناسُب، وقد تقدَّم في الإضافة.
وإنْ كانَ فِعْلاً معَرباً، أو جُمْلةً اسْمِيَّة، فالإعرابُ أرْجَحُ، فَمِن الإعراب {هذا يومُ يَنْفَعُ الصَّادقينَ صِدقُهُم} (الآية "١١٩" من سورة المائدة "٥") . وقولِ بشْر بنِ هُذَيل:
ألم تَعْلَمي يا عَمْرَكِ اللَّهُ أنني ... كَرِيمٌ على حِينِ الكِرَامُ قَليلُ
(يا عمرك: يا حرف نداء، والمنادى محذوف تقديره: يا فلانة عمرك الله "عمرك" منصوب على المصدرية؛ وفعله "عمر" عاش طويلاً، عمرك الله) .
-١٢ حَذْفُ المضافِ أو المضاف إليه: يَجُوزُ حَذْفُ ما عُلِمَ مِن المضاف أو المُضَافِ إليه، فإنْ كانَ المحذوفُ "المضافَ" فالغالبُ أن يَخْلُفَه في إعْرابِهِ المُضَافُ إليه نحو {وَجَاءَ رَبُّكَ} (الآية "٢٢" من سورة الفجر "٨٩") أي أمرُ ربك ونحو {واسْألِ القَرْيَة} (الآية "٨٢" من سورة يوسف "١٢") أي أهل القرية.
وقد يَبْقى على جَرِّه، وشرطُ ذلك في الغالِب أن يكونَ المحذوفُ معطوفاً على مضافٍ بمعناه كقولهم: "ما مثلُ عبد الله ولا أخيه يقولان ذلك". أي ولا مِثلُ أخِيه.
ومثلُه قولُ حَارِهَة؟؟ بنِ الحجَّاج:
أكلَّ امْرِئٍ تَحسَبِينَ امْرَءاً ... ونَارٍ تَوَقَّد بالليل نارَا
أي: وكلَّ نار.
ومن غير الغالب قراءةُ اني؟؟ جَمَّاز: {تُرِيدُونَ عَرَض الدُّنيا واللَّهُ يُرِيدُ الآخِرةِ} (الآية "٦٧" من سورة الأنفال "٨") . أي عمل الآخرةِ.
وإن كان المحذوفُ "المضاف إليه" فهو على ثلاثة أقسام:
(١) أَنْ يُزالَ من المُضَافِ مَا يَسْتَحِقُّه من إعْرابٍ وتَنْوِين، ويُبْنَى على الضم نحوك "أَخَذْت عَشَرةً ليسَ غيرُ" ومثلُها "من قَبْلُ" و "من بعدُ" (=ليس غير، قبل، وبعد) .
(٢) أن يَبْقَى إعْرَابُه، ولا يُنَوَّن، ولا تُرَّد إليه النون إنْ كان مُثَنَّى أَوْ مَجْمُوعاً كما كان في الإضافة، وشرطُ ذلك في الغالب أن يُعطف عليه اسمٌ عامِلٌ في مِثْل المُضَافِ إليه المحذوف، وهذا العامل، إما مضاف كقولهم: "خُذْ ربعَ ونِصْفَ ما حَصل" والأصل خُذْ رُبْعَ ما حصل ونِصفَ ما حصل، فحذفوا "ما حصل" وم؟؟ الأول لِدَلالةِ الثاني عليه.
ومِثلُه قَوْلُ الفَرَزْدَق:
يا مَنْ رَأى عَارِضاً أُسَرُّ به ... بين ذِرَاعيْ وجَبْهةِ الأسَدِ
أي بَيْنَ ذِرَاعَيْ الأَسَدِ، وَجَبْهةِ الأَسَدِ. ومثلُ هَذا لا يَجُوز إلاَّ في الشعر.
وإمَّا غَيرَ مُضَافٍ وهو عامِلٌ في مِثْل المَحْذُوف كقوله:
عَلَّقْتُ آمَالِي فَعمَّتِ النِعَم ... بِمِثْلِ أو أنْفَعَ مِنْ وَبْل الدِّيَمْ
(الوبل: المطر الشديد، الديم: جمع ديمة: وهو المطر ليس فيه رعد ولابرق) .
فمثلُ مُضَافٌ إلى مَحذُوفٍ دلَّ عليهِ المذكُور، والأصلُ: بمثلِ وَبْلِ الدِّيَم أو أنفعَ من وَيْلِ الدِّيَم.
ومن غير الغالب "ابْدَأْ بِذَا مِنْ أولِ" بالخفض من غير تنوين.
(يتبع ... )