للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَاءُ السَّكتْ: مِنْ خَصَائِصِ الوَقْفِ اجتِلابُ هَاءِ السَّكْت، ولَها ثَلاثةُ مَوَاضِع:

(أحدُها) الفِعلُ المعَلُّ بحذْفِ آخرِهِ، سَواءٌ أكَان الحَذْفُ للجَزْمِ نحو "لمْ يَغْزُهْ" و " لمْ يَرْمِهْ" و "لم يَخْشَهْ" ومنه {لم يَتَسَنَّهْ} (الآية "٢٥٩" من سورة البقرة "٢") . ومعنى لم يتسنه: لم تغيره السنون) ، أو لأَجْلِ البِنَاءِ نحو "اغْزُهْ" و "اخْشَهْ" و "ارْمِهْ" ومنه: {فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ} (الآية "٩٠" من سورة الأنعام "٦") ، والهاءُ في هذا كلِّه جَائِزةٌ، وقد تجبُ إذا بَقِيَ الفِعلُ على حَرْفِ واحدٍ كالأمْرِ من وَعَى يَعِي، فإنَّكَ تقول: "عِهْ".

(ثانيها) : "مَا" الإسْتِفْهَامِيَّةُ المجُرَّدَةُ، فإنَّهُ يجبُ حذفُ أَلِفِها إذا جُرَّتْ في نحو "عَمَّ، وفِيمَ" مَجْرورتيْن بالحرفِ "وَمَجِيءَ مَ جئتَ" (الأصل: جئت مجيء مَ؟ وهذا سؤال عن صفة= المجيء، أي على أي صفةٍ جئت ثم أخَّرَ الفِعل لأنَّ الإستفهام له صَدْر الكلام، ولم يمكن تاخير المضاف) مجرورةً بالمضافِ، فَرْقَاً بينها وبين "مَا" الموصوليَّة الشرطيَّة.

فإذا وَقَفْتَ عليها أَلحقْتَ بها الهاء حِفْظاً للفَتْحَةِ الدَّالَّة على الألِفِ المحذُوفَةِ، وتجِبُ الهَاءُ إنْ كانَ الخَافض لـ "مَا" الاستِفْهَاميَّة اسْمَاً كالمثالِ المتقدمِ: "مجيء" وتَتَرَجَّحُ إنْ كانَ الخَافِضَ بها حَرْفَاًنحو: {عَمَّه يَتَسَاءلُونَ} (عمه: وبها السكت قرأ البزي) (الآية "١" من سورة النبأ"٧٨") .

(ثالثها) : كلُّ مبنيّ عَلى حَرَكَةِ بناءٍ دائماً، ولم يُشبِهِ المُعْرَبَ كياءِ المتكلم كـ "هِي" و "هُو" وفي القرآن الكريم: {مَاليه} (الآية "٢٨" من سورة الحاقة "٦٩") و {سُلْطَانِيَة} (الآية "٢٩" من سورة الحاقة "٦٩") و {مَاهِيَةْ} (الآية "١٠" من سورة القارعة"١٠١") وقال حَسّان:

إذا ما تَرَعْرَعَ فِينَا الغلامُ ... فَمَا إنْ يُقالُ لَهُ مَن هُوَهْ

هَبْ: بصيغَةِ الأمر، وهي مِنْ أَفْعَالِ القُلُوب وتُفيدُ في الخبَرِ رُجْحَاناً، وهي تَنصِبُ مَفْعُولَين أَصْلُهُما المُبْتَدَأ والخَبَرُ نحو قولِ عبدِ الله بنِ همّام السَّلُولي:

فقُلْتُ أَجِرْني أبّا خَالدٍ ... وإلاَّ فَهَبْني امْرَءًا هَالِكَا

ويقالُ "هَبْنِي فَعَلْتُ ذلك" أيْ احْسَبْنِي واعْدُدْني، ولا يقالُ: "هَبْ أني فَعَلت".

(=ظنَّ وأخواتها) .

هَبَّ (وفي اللسان: هب فلاناً يفعل كذا كما تقول: طفق يفعل كذا) : كلمةٌ تَدُلُ على الشُّرُوعِ في خَبَرِها، وهي من النواسخِ تعمَلُ عَمَلَ كانَ، إلاَّ أنَّ خَبَرَها يجبُ أن يكونَ جُمْلَةً فِعْلِيَّةً من مُضارعٍ فاعِلُه ضميٌر يعودُ على الاسمِ ومُجَرَّدٌ مِنْ "أنْ" المَصْدَرِيَّة، ولا تَعْمَلُ إلاَّ في حَالَةِ المُضِي.

هَذَاذِيك بمعنى كُفَّ: هو مَصْدَرٌ مُثَنّىً لَفْظاً ويُرادُ به التَّكْثيرُ، وتَجِب إضَافَتُه، ومعناه: إسراعاً لك بَعْدَ إسراع، أوْقَطْعاً بَعْدَ قَطْع، ويُعرَبُ مَفْعُولا مطْلَقاً لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أسْرِعْ، وإنَّما لمْ يُقَدَّر فِعلٌ مِنْ جِنْسِه لأنَّه ليسَ لَهُ فِعْلٌ مِنْ جِنْسِه مثل: لَبَّيْكَ، قَالَ العَجَّاجُ يمدَحُ الحَجَّاج:

ضَرْباً هَذَاذِيْكَ وطَعْنَاً وَخْضاً ... يَمْضي إلى عَاصِي العُرُوقِ النَّخْضَا

(هذاذيك أي هذَّاً بعد هذٍّ يعني قَطْعاً بعد قَطع، والوَخْض: المشرَع للقتل، والعَاصِي: العِرْق لا يَرْقَأ دمُه، والنَّخْضُ: اللحم المكتنِز وهو مَنْصوب على نزع الخافض وهو "في")

هَلْ:

-١ ماهيَّتُها:

حرفُ استِفْهَامٍ مَوضُوعٌ لطَلبِ التَّصديقِ الإيجابي (التصديق: إدراك النسبة، وهل: موضوع لإدراك النسبة الإيجابية فإذا قلت "هل قدم أخوك" فأنت تسأل عن قدوم أخيه وهذا هو التصديق، وإذا قلت"أزيد قدم أم بكر" فأنت تسأل عن أحدهما أي المفرد هذا هو التصور، والمراد بالإيجابي غير المنفي كما هو معلوم، والسلبي: المنفي) دونَ التصوُّر ودُونَ التَّصديقِ السَّلبي، فيمتنع نحو "هلْ زيدٌ قائمٌ أم عمرو" إذا أريد بـ "أمْ" المُتَّصلة (وأما المنقطعة فهي بمنعى "بل" فلا تمنع التصديق) ، لأنَّه تَصَوُّرٌ، ويمتنع نحو "هَلْ لمْ يقُمْ زيدٌ" لأنَّه تَصْديقٌ سَلْبيّ.

وحُرُوفُ الاسْتِفْهَام لا يَليها في الأَصْلِ إلاّ الفِعْلُ، إلاَّ أنَّهُم قد تَوَسَّعُوا فيها، فابْتَدَءُوا بَعْدَها الأَسْماء، ألاَ تَرَى أنَّهم يقولون: "هَلْ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ " و "هلْ زيدٌ في الدَّار" فإنْ قُلتَ "هَلْ زيداً رأيتُ" و "هلْ زيدٌ ذَهبَ " قَبُحَ، ولم يَجُز

إلاَّ في الشعر، فإن اضطُر شاعرٌ فَقَدَّم الاسم نصب تقول: "هل عَمْرَاً ضربتَه"

-٢ تفترقُ "هَل " مِنَ الهمزةِ من عَشْرَةِ أوجُهٍ:

(أحدُها) اخْتِصاصُها بالتَّصْديق.

(الثاني) اخْتِصَاصُهَا بالإيجَاب، تقولُ "هلْ زيدٌ قائمٌ" ويمتنع "هلْ لمْ يَقُمْ".

(الثالث) تَخْصِيصُها المضارع بالاسْتِقبال.

(الرابع) أنَّها لا تَدْخُلُ على الشَّرطِ بِخلافِ الهَمزَةِ نحو: {أفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الخالِدُونَ} (الآية "٣٤" من سورة الأنبياء"٢١") .

(الخامس) أنَّها لا تَدْخُلُ على "إنَّ " بِخلافِ الهَمْزةِ نحو: {أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ} .

(السادس) أنها لا تدْخُلُ على اسمٍ بعدَهُ فعلٌ في الاختيار، بخلافِ الهَمْزَةِ نحو "أَزَيْدَاً أَكْرَمْتَ".

(السابع) أنَّها تَقَعُ بَعْدَ عاطفٍ نحو: {فَهَلْ يَهْلَكُ إلاَّ القَوْمُ الفاسِقون} (الآية "٣٥" من سورة الأحقاف "٤٦") .

(الثامن) أنَّها تَأتِي بَعدَ "أمْ" نحو: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعْمى والبَصِيرُ أمْ هَلْ تَسْتَوي الظُّلماتُ والنُّورُ} (الآية "١٦" من سورة الرعد "١٣") .

(التاسع) أنَّها قد يُرادُ بألاستِفهامِ بها النَّفي، ولذلكَ دَخَلَتْ عَلى الخبر بعدَها "إلاَّ" في نحو: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إلاَّ الإِحْسَانُ} (الآية "٦٠"من سورة الرحمن"٥٥") . و "الباءُ" في قوله:

ألا هَلْ أَخُو عَيْشٍ لَذِيذٍ بِدَائم.

وصحَّ العطفُ في قوله:

وإنَّ شِفَائي عَبْرَةٌ مُهرَاقَةٌ ... فهل عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ من معوَّلِ

إذْ لا يُعْطَفُ الإِنْشَاءُ على الخَبر.

(العاشر) أنَّها تَأْتي بمعنى "قَدْ" نحو: {هَلْ أَتى عَلى الإِنْسَانِ حينٌ مِنَ الدَّهْرِ} (الآية "١" من سورة الدهر"٧٦") . وقد يَسوغُ للشَّاعر أنْ يُدخِل همزة الاستفهام على "هل " نحو قولِ زيدِ الخيل:

سَائِلْ فَوَارِسَ يَرْبُوعٍ بشَدَّتِنا ... أَهَلْ رَأَوْنا بسَفْحِ القُفِّ ذِي الأكم

(الشدة: الحملة، والباء بمعنى عن، القف: جبل ليس بعالٍ) . ومثلها قَولك: أمْ هَلْ فعلت، يقول سيبويه: هي يمنزلة قد.

هلاَّ: مِنْ أدَوات التَّخضيض، وهي كأخَواتِها لا تَتَّصل إلاَّ بالفِعل. ويَجوز فيها - كما يَقول سيبوبه - في أخواتها (=لولا، لوما، ألاَّ، ألا) أن يكون الفعلُ مُضْمَراً، ومُظهراً، مُقَدَّماً، ومؤخراً، ولا يَستقيم أن يُبْتَدأ بعدها الأسماء ولو قلت "هلاَّ زيداً ضربتَ" جاز، ولو قلتَ "هلاَّ زيداً" على إضمارِ الفِعْل، ولا تَذْكُرُهُ جَازَ، والمَعْنَى: هلاَّ زَيْدَاً ضَرَبْتَ.

هَلُمَّ: بمعنى أَقْبِلْ، وهذه الكَلِمةُ تَرْكِيبيَّة من هَا للتَّنْبِيه، ومِن لَمَّ، ولكنها قد استُعْمِلَت اسْتِعْمَالَ الكَلِمَةِ الوَاحِدَةِ المُفْرَدة البَسيطة، قال الزَّجاج: زعم سِيبويه: أن هَلُمَّ، ها، ضُمَّتْ إليها: لُمَّ، وكذا قال الخليل، وَفَسَّرَهَا بقوله: أَصْلُه، لُمَّ، من قولهم: لَمَّ الله شَعْثه أي جَمَعه كأنه أرَادَ: لُمَّ نَفْسَك إلَيْنَا: أي اقْرَب، وها للتَّنْبِيه، وإنَّما حُذِفَتْ ألِفُها لِكَثْرة الاسْتِعمال، وجُعِلا اسْماً واحِداً.

وأكثر اللغات: هَلُمَّ للواحد والاثْنَين والجماعة وبذلك نزل القرآن: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكم} .

قال سيبويه: وهَلُمَّ في لغة الحجاز، يكون للواحد والاثنين والجماعة.

ولا تَدْخلُ عليها النونُ الخَفِيفَةُ ولا الثَّقِيلةُ، لأنَّها لَيْست فِعلاً، إنَّما هيَ اسمُ فِعلٍ.

وأَمَّا في لغةِ بَني تَميم فتدخُلُها النُّونُ الخَفيفة والثَّقيلة لأنَّهم قد أجْرَوها مُجْرى الفِعل، فَقَالوا: هَلُمَّنَّ يا رجل وهَلُمَّنَّ يا امرأة، وفي التثنية: هَلُمَّانِّ للمؤنث والمذكر وهَلُمُّنَّ يا رجال بضم الميم، وهَلْمُمْنَانِّ يا نسوة.

وعندَ أهلِ نَجْدٍ فِعْلُ أمْرٍ ويُلْحِقُونَ بها الضَّمائر، فيَقُولُونَ في المثنى "هَلُمّا" وفي المؤنث "هَلُمِّي "وفي جمع المذكر "هَلُمُّوا" وللنساء "هَلُمُمْنَ" والأوَّلُ أفْصح وبه جاء التنزيل: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءكُم} (الآية "١٥٠"من سورة الأنعام "٦") (=اسم الفعل ٢) .

هَلُمَّ جَرَّاً: مَعْنَاها اسْتِدَامَةُ الأمْر وإتِّصَالُه يُقَال: "كَان ذَلِكَ عَامَ كذا وهَلُمَّ جَرّاً إلى اليَوْمِ " وأصْلُه مِنْ الجَرِّ: السَّحْب، وانْتَصَب "جَرّاً" على المَصْدَر أو الحَال.

هَلْهَلَ: كلمَةٌ تَدُلُّ على مَعْنى الشُّرُوع في خَبَرِها، وهِيَ منَ النَّواسخِ تَعْمَلُ عَمَل كان، إلاَّ أنَّ خبَرها يجبُ أنْ يكُونَ جملَةً فعْلِيَّةً مِنْ مُضارعٍ فاعِلُه يَعُودُ على الاسم،

ومُجَرَّدٍ مِن "أنْ" المَصدَريَّة، ولا تَعْمَلُ إلاَّ في حالَةِ المَاضِي نحو "هَلْهَلَ الشِّتَاءُ يُقْبِلُ " أيْ شَرَعَ وأنشَأَ.

هَمْزَةُ الاستفهَام:

[١] هيَ أَصْلُ أدَواتِ الاستفهام، بل هي - كما يقول سيبويه - حَرفُ الاسْتِفْهَام الذي لا يَزُول عَنْه لِغَيره، وليْس للاسْتِفْهَامِ في الأصْلِ غيرهُ، وإنَّما تَرَكُوا الألِفَ - أي هَمْزَةَ الاسْتِفْهَام - في: "مَنْ، ومَتَى، وهَلْ "، ونَحْوَهن، حيث أَمِنوا الالْتِباس،. ولهِذَا خُصَّتْ بأحْكامٍ:

(أحدُها) جَوازُ حَذْفِها سَواءٌ تقدَّمَتْ على " أم" كقولِ ابنِ أبي ربيعة:

فواللهِ ما أدْرِي وإنْ كُنْتُ دَارِياً ... بِسَبْعٍ رَمَينَ الجَمْرَ أمْ بثمانٍ؟

أراد: أبِسَبْعٍ.

أم لمْ تَتَقَدَمْها كقولِ الكُمَيْت:

طَرَبْتُ ومَا شَوْقَاً إلى البيضِ أطْرَبُ ... ولا لَعِباً مِني، وذُو الشَّيب يلعبُ؟

(يريد: أو ذو الشيب يلعب، فحذفت همزة الاستفهام مع وجود معنى الاستفهام)

(الثاني) أنَّها تَردُ لطلبِ التصوُّرِ نحو" أَخَالِدٌ مُقْبِلٌ أم عُبَيْدَةُ" ولطَلَبِ التَّصديق نحو "أمُحَمَّدٌ قادِمٌ" وبقيَّةُ أدواتِ الاستِفهامِ مُخْتَصَّةٌ بطلبِ التَّصَوُّر إلاّ "هَلْ " فهي مُخْتَصَّةٌ بطَلَبِ التَّصديقِ.

(الثالث) أنَّها تَدْخُلُ على الإثْبَاتِ كما تقدَّم، وعلى النَّفي نحو: {أَلَمْ نَشْرَحُ لَكَ صَدْرَك} (الآية "١" منسورة الإنشراح"٩٤") .

(الرابع) تَمَامُ التَّصْدير، وذلك أنَّها أوَّلاً: لا تُذْكَرُ بعد " أمْ" التي للإِ ضْرابِ كما يُذْكَر غَيرُها، لا تَقولُ: "أَقَرَأَ خَالِدٌ أمْ أَكَتَبَ " وتَقولُ: "أمْ هَلْ كَتَبَ" وثَانِياً: أنَّها إذا كانَتْ في جملَةٍ مَعْطُوفَةٍ بـ "الوَاوِ" أو بـ "الفَاءِ " أو "ثُمَّ" قُدِمَتْ على العاطفِ تَنْبِيهاً على أصَالتِها في التَّصدِير: نحو: {أوَلمْ يَنْظُرُوا} (الآية "١٨٥" من سورة الأعراف "٧") {أَفَلَمْ يَسِيروا} (الآية "١٠٩" من سورة يوسف "١٢") {أَثُمَّ إذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بهِ} (الآية "٥١" من سورة يونس "١٠") وأخَواتُها تتأخَّرُ عَنْ حُرُوفِ العَطْفِ نحو: {وكَيْفَ تَكْفُرُونَ} (الآية "١٠١"من سورة آل عمران "٣") {فَأَْنَ تَذْهَبُون} (الآية "٢٦" من سورة التكوير"٨١") {فَأَنَّى تُؤْفَكُون} (الآية "٩٥" من سورة الأنعام "٦") {فهلْ يُهْلَكُ إلاَّ القَومُ الفَاسِقُون} (الآية "٣٥" من سورة الأحقاف"٤٦") {فأَيَّ الفَرِيْقَينِ} (الآية "٨١" من سورة الأنعام "٦") {فمَا لَكُمْ في المُنَافِقِينَ فِئَتَين} (الآية "٨٨" من سورة النساء "٤") .

(الخامس) تخْتَلِف هَمْزَةُ الإسْتِفْهَامِ عن غَيرها اخْتِلافاً في أمورٍ كثيرةٍ، وما يَجُوزُ فيها لا يَجُوزُ بغَيرها.

فيجوزُ أنْ يَأتي بعدَها اسْمٌ مَنْصُوبٌ فَتَقول: "أعَبْدَ الله ضَرَبْتَه" و "أزيداً مَرَرْتَ به" و "أعَمْراً قَتَلتَ أخَاه" أو "أعمراً اشتريْتَ لهُ ثَوباً" ففي كل هذا قَدْ أضْمَرتَ بينَ هَمْزة الإسْتِفْهَام والاسْمِ بعدَها - فِعْلاً، والفِعْلُ المَذْكُور تَفْسِيرُه، قال جرير:

أثَعْلَبَةَ الفَوارِسِ أم رِيحاً ... عَدَلْتَ بهم طَهِيَّةَ والخِشَابا

(وتقدير الكلام: أظلمت ثعلبة عدلت بهم طهية)

ومثل ذلك: "ما أدْري أزيداً مَرَرْتُ به أمْ عَمْراً" (التقدير: ما أدري أجاوزت زيداً، وتفسيره مررت به) أو "مَا أُبالي أعبْدَ اللهِ لقيتُ أمْ عَمْراً" وتقولُ في الرَّفْعِ بعدَ همزةِ الإستفهامِ " أعَبْدَ اللهِ ضَرَبَ أخُوهُ زَيْدَاً"، لا يكون إلاَّ الرفع، لأنَّ الذي من سَبَب عبدِ اللهِ - وهو أخوه - مَرْفُوعٌ لأنَّه فَاعل، فَيَرْتَفِع إذا ارْتَفَعَ الذي من سَبَبِه، كمَا يَنتَصِبُ إذا انتصَبَ، ويكون الفعلُ المُضْمَرُ ما يَرْفع، كما أضمرتَ في الأول ما يَنصِب.

فإنْ جعَلْت زيداً الفَاعِلَ قلت: " أعبدَ اللهِ ضَربَ أخاه زيدٌ"

(يتبع ... )

<<  <  ج: ص:  >  >>