(تابع ... ١) : هَاءُ السَّكتْ: مِنْ خَصَائِصِ الوَقْفِ اجتِلابُ هَاءِ السَّكْت، ... ...
-٢ دخولُ هَمْزَةِ الإسْتِفهام على هَمْزَة الوصل:
همزةُ الإستِفهامِ إذَا دَخَلَتْ على هَمْزَة الوصْلِ، ثَبَتَتْ هَمْزة الاستفهام وسقَطَتْ هَمْزَةُ الوَصْل، وذلك لأنَّ هَمْزَةَ الوصلِ إنما أُتي بها ليُتوَصَّل بها إلى النطق بالساكن الذي بَعدَها، فلمَّا دَخلتْ عليها هَمْزَةُ الاسْتِفْهَام استُغْني عَنْها بِهَمْزة الاسْتِفْهَام، فأسْقِطَتْ، نحو قولك في الاستفهام "أبْنُ زيدٍ أنت؟ " و "أمْرَأةُ عَمْروٍ أنتِ؟ " "أستْضعَفْتَ زيداً" "أشْتَرَيْتَ كتاباً؟ " ومنه قوله تعالى: {أتَّخذْتُم عِنْدَ اللهِ عَهْدَاً} ؟ {أسْتَكْبَرتَ أمْ كُنْتَ مِنَ العَالين} {اسْتَغْفَرْتَ لهُم} ؟ {أَصْطَفى البناتِ على البَنين} ؟ {أَطَّلَعَ الغيب} {أَفْتَرى على اللهِ كذباً} إلى كثير من الأمثال. وقال ابن قيس الرُّقَيَّات:
فقالت: أبْنَ قَيْسٍ ذا؟ ... وبَعْضُ الشَّيبِ يُعْجِبُها
وقال ذو الرُّمَّة:
أَسْتَحدَثَ الرَّكْبُ عَنْ أشْياعِهم خَبَراً؟ ... أمْ راجَعَ القَلْبَ من أطْرَابِه طَرَبُ؟
-٣ هَمْزةُ الاسْتِفهامِ والقَسَم:
تقول: "آللهِ " مُسْتَفهِماً مَعَ التَّأْكد بالقَسَم، وكذلك "آيْمِ اللهِ؟ " و "آيْمنِ اللهِ؟ "، فَهَمْزَةُ الاستِفهام نَابَتْ عن "واوِ" القَسَم وجُرَّ بها المُقْسَمُ به، ولا تُحْذَفُ هنا هَمْزَةُ الوَصْل من لَفْظِ الجَلالةِ أو "أيم" أو "ايْمُنُ" وإنما تُجْعَلُ مَدَّةً كَمَا لَو دَخَلتْ على غير القَسَم فتقول: "آلرَّجُلِ فعلَ ذلك؟ ". فهمزةُ الاستفهامِ هنَا حَمَلتْ مَعْنَيْين: الاستفهامَ ونيابةَ الوَاوِ في القَسم فإذا قلتَ: "آللهِ لتَفْعَلَنَّ؟ " فكأنَّك قلت: "أتُقسِم باللهِ لَتَفْعَلنَّ".
-٤ دُخُول هَمْزَةِ الاستفهام على "الْ" التعريفية: إذَا دَخَلتْ هَمْزَةُ الاستفْهام على"أل" هَمَزْتَ الأولَى ومَدَدْتَ الثَّانيَة لا غَيرُ وأشْمَمْتَ الفَتْحَة بلا نَبِرة كقولك "آلرَّجلُ قال ذاك؟ " آلسَّاعَةَ جِئْتَ؟ " ومنه قوله تعالى: {آلله خيرٌ أما يشْرِكُون} ؟ (الآية "٩٥" من سورة النمل "٢٧") {آلذَّكرينِ
حَرَّم أمِ الأُنْثَيَيْن} (الآية "١٤٣" من سورة الأنعام "٦") ، {آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْل} (الآية "٩١" من سورة يونس "١٠") .
وقال مَعْنُ أوْس:
فوَاللهِ مَا أدْرِي أآلحُبُّ شَفُّه ... فَسَلَّ عليهِ جِسْمَه أمْ تَعَبَّدا
-٥ خُرُوجُ الهَمْزَةِ عن الاستِفْهامِ الحَقيقي:
قد تخْرَج "الهمزةُ" عن الاستِفهامِ الحقيقي فتردُ لثمانيةِ معانٍ:
(١) التَّسْوية: وهي التي تقع بعد كلمة "سَواء" أو "مَا أُبَالي" و "ما أبالي" و "لَيْتَ شِعْري" ونَحْوِهِن.
والضَّابِط: أنَّها الهَمْزةُ الدَّاخِلَةُ على جُملةٍ يَصِحُّ حُلُولُ المَصدَرِ مَحَلَّها نحو: {سَوَاءٌ عَلَيْهمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} (الآية "٦" منسورة المنافقون"٦٣") أي سَوَاءٌ عليهمْ اسْتِغْفَارُك وعَدَمُه وهو فَاعِلُ "سواء".
(٢) الإِنْكَار الإِبْطَالِي: وهذه تَقْتَضِي أنَّ مَابَعْدَهَا - إذا أُزيلَ الاستفهامُ - غَيرُ واقِعٍ، وأنَّ مُدَّعيَه كاذِبٌ نحو: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بالْبَنِينَ واتَّخَذَ مِنَ المَلائِكَةِ إنَاثاً} (الآية "٤٠" من سورة الإسراء "١٧") .
{أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} (الآية "١٩" من سورة الزخرف "٤٣") .
{أَفَعَيِينَا بالخَلْقِ الأوَّلِ} (الآية "١٥" من سورة ق "٥٠") .
ومنه: {أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (الآية "٣٦" من سورة الزمر "٣٩") .
{أَلَمْ نَشْرَحْ لكَ صَدْرَكَ} (الآية "١" من سورة الانشراح "٩٤") .
ومنه قولُ جَرير في عبدِ الملك:
أَلَسْتُمْ خَيرَ مَنْ رَكِبَ المَطايَا ... وَأَنْدَى العَالمينَ بُطُونَ رَاحِ؟
(٣) الإِنْكَار التَّوْبِيخي: وهذه تَقْتَضي أنَّ مَا بَعْدَها وَاقِعٌ وأنَّ فَاعِلَهُ مَلُومٌ نحو: {أتَعبدُونَ مَاتَنْحِتُونَ} (الآية "٩٥" من سورة الصافات "٣٧") .
{أَغَيْرَ اللهِ تَدْعون} (الآية "٤٠" من سورة الأنعام "٦") .
(٤) التقرير: ومَعْناه حَمْلُكَ المُخَاطَبَ عَلى الإِقْرارِ والاعْترافِ بأمرٍ قَد استَقَرَّ عِنْدَهُ ثُبُوتُهُ أونَفْيُه، ويَجبُ أنْ يَليهَا الشَّيءُ الذِي تُقِّرره به، تقولُ في التقرير بالفعل "أنصرتَ بَكراً" وبالفاعل "أَأَنتَ نَصَرْتَ بَكْراً" وبالمفعولِ "أَبَكراً نَصَرْتَ".
(٥) التَّهكمّ: نحو: {قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلَوتُكَ تأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} (الآية "٨٧" من سورة هود "١١") .
(٦) الأمر: نحو: {أَأَسْلَمْتُمْ} أي أَسْلِمُوا (الآية "٢٠" من سورة آل عمران "٣") .
(٧) التَّعَجُّب: نحو: {أَلَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} (الآية "٤٥" من سورة الفرقان "٢٥") .
(٨) الاستبطاء: نحو: {أَلَمْ يَأنِ للَّذِينَ آمَنُوا أنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذكْرِ اللهِ} (الآية "١٦" من سورة الحديد "٥٧") .