فمنها ما يفوت الحج بتركه ولا يؤمر بشيء وهو الإحرام، ومنها ما يفوت الحج بفواته ويؤمر بالتحلل بعمرة وبالقضاء في العام المقبل وهو الوقوف بعرفة، ومنها مالا يفوت الحج بفواته ولا يتحلل من الإحرام ولو وصل إلى أقصى المشرق بل لا بد من الرجوع إلى مكة ليفعله وهو طواف الإفاضة والسعي.
الركن الأول- الإحرام
هو نية الدخول في حرمات الحج أو العمرة أو هما معاً مع التلبية والتجرد من المحيط، فلا ينعقد بمجرد النية، والراجح: هو النية فقط، لحديث "إنما الأعمال بالنية"(١) ، وأما التلبية والتجرد فكل منهما واجب يُجبر بدم إذا ترك. ⦗٣٤٠⦘ وإذا لم يعيِّن النسك بل قال: نويت الإِحرام للَّه تعالى فينعقد النسك ولكن لابد من بيانه قبل البدء بأي عمل، ويندب في هذه الحالة أن يعينه حجاً أو قراناً إن كان أحرم في شهر الحج لأنه أحوط لاشتماله على النسكين، أما إن كان أحرم قبل أشهر الحج فيندب له أن يصرفه إلى عمرة. وإذا نسي ما نوى عند إحرامه صرفه إلى قران (أي اعتبر نفسه أنه ناوياً القران) وينوي الحج وجوباً أي يحدث نية الحج وجوباً ويعمل القارن (اختياطاً) ويهدي له، لأنه إن كان ناوياً في النية الأولى حجاً فتكون نيته الجديدة للحج تكيد للنية الأولى، وإن كانت النية الأولى عمرة فيكون بنيته الجديدة للحج قد أردف الحج على العمرة فيصبح قارناً، وإن كان ناوياً القران لم يضره تجديد نية الحج. وعندئذ تبرأ ذمته من الحج فقط لا من العمرة لاحتمال أن يكون نوى الحج أولاً.
وإذا شك هل نوى عمرة أم حجاً، فإنه ينوي الحج وتبرأ ذمته منه فقط، ثم يأتي بعمرة، لأنه إن كانت نيته الأولى حجاً فالثانية تأكيد للأولى، وإن كانت الأولى عمرة فالنية الثانية للحج أقوى تلغي العمرة.
ولا يصح أن يغير نيته من حج إلى عمرة، ولا من عمرة إلى حج، ولا أن يصير المفرد قارناً (أي لا يصح إدخال العمرة على الحج) لكن المعتمر يمكن أن يصير قارناً (أي إدخال الحج على العمرة) بشرط أن ينوي القران قبل البدء بطواف العمرة.
وإذا تلفظ بالإحرام فخالف لفظه قصده بالنية، فالعبرة بالقصد لا باللفظ، والأَوْلى ترك التلفظ.
وإذا نوى رفض نيته بعد أن أحرم بالنسك فهو باقٍ على إحرامه ولا يضر الرفض، بخلاف الصلاة والصوم فإن نية الرفض فيهما مبطلة للعبادة.