للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- طهارة البدن ومحمول المصلي والمكان من الخبث (٣) : وتشمل طهارة البدن طهارة البدن [؟؟] الظاهر وما في حكمه كداخل الأنف والفم والأذن والعين، ودليل طهارة البدن حديث عائشة رضي اللَّه عَنها قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: يا رسول اللَّه إني لا أطهر أفأدع الصلاة، فإذا ذهب قَدْرُها فاغسلي عنك الدم وصلي" (٤) .

والمكان هو ما تماس مع أعضاء المصلي بالفعل من قدميه وركبتيه ويديه ورجليه، ولا يشمل ما تحت حصيرته وإن اتصل بها كفورة ميتة صلى على صوفها (لأن الجلد لا يطهر بالدباغة) .

ودليل طهارة المكان حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقل لهم النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "دعوه، وهريقوا على بوله سَجْلاً من ماء أو ذَنُوباً من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" (٥) .

أما محمول المصلي فيشمل الثوب والعمامة والنعل والحزام والمنديل، ودليل طهارة الثوب قوله تعالى: {وثيابك فطهر} (٦) ، وما روى أبو هريرة رضي اللَّه عنه أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه، إنه ليس لي إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه، فكيف أصنع؟ قال: "إذا طهرت فاغسليه ثم صلي فيه" (٧) . ولو كانت النجاسة في طرف عمامة المصلي الملقى على الأرض، أو في طرف ثوبه الملقى على الأرض، وجب إزالتها لأنها تعتبر من محمول المصلي. وكذا ما استقر في بطنه من نجاسة مدة بقائها في بطنه يقيناً أو ظناً لا شكاً، فيجب عليه أن يتقيأها إن أمكن وإلا فلا إن كان عاجزاً. فإن تحولت هذه النجاسة إلى عذرة أصبحت بحكمها. وكذا ما علق في أسفل النعل من نجاسة، فإنها تعتبر نجاسة محمولة إذا رفع رجله بها؛ كأن سجد، فعندها تبطل صلاته، أما إن سلَّ قدمه من النعل سلاً بغير رفعه وقبل السجود، فإنها لا تبطل.

ومحل شروط هذه الطهارة أن يكون ذاكراً لها وقادراً عليها، فإن صلى ناسياً للنجاسة، أو جاهلاً بها فإن صلاته صحيحة، أو كان عالماً بها لكنه غير قادر على إزالتها إما لفقد الطهور، أو ⦗١٣٤⦘ للعجز عن استعمال الطهور، ولم يوجد عنده ثوب آخر غير المتنجس، فصلى، فإن صلاته صحيحة، ويحرم عليه تأخيرها حتى يخرج الوقت، ولكن يندب له إعادة الصلاة على الحكمين المشهورين إن اتسع الوقت (ووقت الظهرين يمتد إلى الاصفرار، لأن الإعادة نافلة والنافلة بعد الاصفرار مكروهة. ووقت العشاءين حتى طلوع الفجر الصادق. والفجر حتى طلوع الشمس) .

أما إن صلى وانتهى من صلاته وهو ذاكر للنجاسة وقادر على إزالتها، فعلى القول بالوجوب تكون صلاته باطلة، ويجب إعادتها سواء خرج الوقت أو لم يخرج، أما على القول بأن إزالتها سنة فيندب إعادة الصلاة في الوقت أو خارجه. وأما إن ذكر النجاسة قبل الصلاة ثم نسيها عند الدخول فيها واستمر حتى فرغ منها فلا تبطل ولو تكرر التذكر والنسيان قبلها، وإنما يندب له الإعادة في الوقت أو بعده.


(١) و (٢) المائدة: ٦.
(٣) بناء على الحكم المشهور بأنها واجبة إن ذكرها وكان قادراً على إزالتها، ولكن هناك حكم آخر مشهور وهو المعتمد في الفتيا أنها سنة. هذا بالنسبة للنجاسة غير المعفو عنها، أما النجاسة المعفو عنها فيندب إزالتها إن تفاحشت وإلا فلا.
(٤) البخاري: ج ١/ كتاب الحيض باب ٨/٣٠٠.
(٥) البخاري: ج ١/ كتاب الوضوء باب ٥٧/٢١٧، والذنوب: الدلو الكبير الممتلئ ماء.
(٦) المدثر: ٤.
(٧) أبو داود: ج ١/ كتاب الطهارة باب ١٣٢/٣٦٥.

<<  <   >  >>