وأصلنا هذا يعتبر من أصح الأصول التي يمكن الجزم بصحة نسبته إلى المؤلف بدون زيادة أو نقص، أو تصحيف أو تحريف يذكر، كما لو كنا ننقل عن نسخة المؤلف بخطه. ذلك لأنه مروي من طريق رجال عرفوا بالضبط والحفظ، وبالاعتناء بالرواية فكلهم محدثون على علمهم في الفقه وغيره.
فأولهم: صاحبه الحافظ بن عمار الحراني. وقد رأيت ثناء الحافظ الذهبي عليه فيما ولد سنة (٦٠٣) وتوفي سنة (٦٧١).
وثانيهم: أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي، وهو محدث حلب ومسند الشام الحافظ الثقة المتقن. قال الذهبي: "نقل بخطه المليح ما لم يدخل تحت الحصر".
قلت: وفي المكتبة أيضًا آثار كثيرة أيضًا بخطه ونرى نموذجًا منه بين يدي الكتاب.
وهو سماع عليه من ناسخه ابن عمار وغيره ممن سماهم فيه.
ولد سنة (٥٥٥) وتوفي سنة (٦٤٨).
وثالثهم: أبو طاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر بن بركات الخشوعي .. وهو مسند الشام، صدوق، ولد سنة (٥١٠). وتوفي سنة (٥٩٨).
ورابعهم: أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد الأكفاني ثم الأنصاري الدمشقي. وهو ثقة حافظ، شديد العناية بالحديث والتاريخ. كتب الكثير. وكان من كبار العدول. ولد سنة (٤٣٥) ومات سنة (٥٢٤).
فهذا كما نرى إسناد صحيح إلى المؤلف.
وللحافظ أبي الحجاج إسناد آخر مثله في الصحة. رواه عن أبي محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب الصابوني عن أبي الحسين محمد بن محمد بن الحسين الفراء عنه.
فالأول: محدث ثقة توفي سنة (٥٩١).
وأما الآخر: فهو القاضي أبو الحسين محمد بن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين البغدادي الحنبلي، كان مفتيًا مناظرًا عارفًا بالمذهب. صلبًا في المحنة دخل عليه جماعة ليلًا، فأخذوا ماله وقتلوه، ثم أظهرهم الله فقتلوا جميعًا.
ولد سنة (٤٥٢)، ومات سنة (٥٢٦).