مَعْرِفَةِ وَحْدَانِيَّتِهِ , وَتَصْدِيقِ أَنْبِيَائِهِ , وَعَرَّفَنَا عُمُومَ النَّفْعِ دِينًا وَدُنْيَا , عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ وَأَوْلِيَائِهِ , وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمُرْسَلِ بِالْفُرْقَانِ , الْمُبَيِّنِ الْبُرْهَانِ , الْوَاضِحِ التِّبْيَانِ , خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَخَيْرِ الْبَشَرِ وَالْمُرْسَلِينَ , وَعَلَى أَصْحَابِهِ الْمُنْتَخَبِينَ , وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ , وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ , وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ. أَمَا بَعْدُ: فَإِنَّ أَجَلَّ الْعُلُومِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ , وَمَعْرِفَةِ رَسُولِهِ وَمَلَائِكَتِهِ , وَأَوْلَاهَا بِصَرْفِ الْهِمَمِ إِلَيْهِ , وَأَعْظَمَهَا مَثُوبَةً لَدَيْهِ: هُوَ الْفِقْهُ فِي الدِّينِ , مِنْ عَلِمِ الظَّاهِرِ وَالْغَامِضِ مِنَ الْأَحْكَامِ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ , وَالْأَوَامِرِ , وَالزَّوَاجِرِ , وَالْمَحْبُوبِ , وَالنَّوَافِلِ , وَالْمَنْدُوبِ , وَهِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي مَنْ تَعَاطَاهَا , وَعَلَّمَهَا , وَأَخَذَ بِهَا , أَوْصَلَتْهُ إِلَى جِوَارِ اللَّهِ تَعَالَى , وَالْجَنَّاتِ الطَّيِّبَةِ فِي دَارِ الْقَرَارِ , وَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ , وَعَذَابَ النَّارِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [سورة:] ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ كِتَابَهُ الْكَرِيمَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ , فَمِنْهُ مَا بَيَّنَهُ فِيهِ نَصًّا , وَمِنْهُ مَا أُجْمِلَ فِيهِ , وَبَيَّنَ كَيْفِيَّتَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَمِنْهُ مَا شَرَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتِدَاءً , بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ , فَكَانَ رَسْمًا مُرْتَسَمًا , وَشَرْعًا مُتَّبَعًا , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةً لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ