للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ , ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ , ثنا أَبُو دَاوُدَ , ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عَمْرِو بْنِ أَسِيدِ بْنِ حَارِثَةَ، حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ رَهْطٍ عَيْنًا , وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ، وَهُوَ جَدُّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ , فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدْأَةِ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ , فَنَفَرُوا لَهُمْ بِمِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ , فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ , فَلَمَّا أَحَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ , فَقَالُوا: انْزِلُوا وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَلَّا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا , فَقَالَ عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ الْيَوْمَ اللَّهُمْ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّكَ السَّلَامَ , فَقَاتَلُوهُمْ , فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعَةٌ , وَنَزَلَ ثَلَاثَةٌ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ , فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ حَلُّوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ وَكَتَّفُوهُمْ , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُمْ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ قَالَ: هَذَا وَاللَّهِ أَوَّلُ الْغَدْرِ , فَعَالَجُوهُ فَقَتَلُوهُ وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ، وَزَيْدِ بْنِ الدَّثِنَةِ إِلَى مَكَّةَ , فَبَاعُوهُمَا , وَذَلِكَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَاشْتَرَى بَنُو الْحَارِثِ خُبَيْبًا - وَقَدْ كَانَ قَتَلَ الْحَارِثَ يَوْمَ بَدْرٍ - قَالَتِ ابْنَةُ الْحَارِثِ: فَكَانَ خُبَيْبٌ أَسِيرًا عِنْدَنَا , فَوَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ ⦗٣٠٩⦘ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ وَمَا بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ مِنْ ثَمَرِهِ , وَإِنْ هُوَ إِلَّا رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا قَالَتْ: وَاسْتَعَارَ مِنِّي مُوسًى يَسْتَحِدُّ بِهِ لِلْقَتْلِ قَالَتْ: فَأَعَرْتُهُ إِيَّاهُ , وَدَرَجَ ابْنٌ لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ , فَرَأَيْتُهُ يُجْلِسُهُ عَلَى صَدْرِهِ قَالَتْ: فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ قَالَتْ: فَفَطِنَ لِي فَقَالَ: أَتَحْسَبِينَ أَنِّي قَاتِلُهُ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَهُ، قَالَتْ: فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ قَالَ لَهُمْ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تَحْسَبُوا أَنَّ بِي جَزَعًا لَزِدْتُ، قَالَتْ: وَكَانَ خُبَيْبٌ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الصَّلَاةَ لِمَنْ قُتِلَ صَبْرًا , ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمْ أَحْصِهِمْ عَدَدًا , وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا , وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا:

[البحر الطويل]

فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ فِي اللَّهِ مَصْرَعِي

وَذَلِكَ فِي جَنْبِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمُزَّعِ

قَالَ: وَبَعَثَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ لِيُؤْتَوْا مِنْ لَحْمِهِ بِشَيْءٍ , وَكَانَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ , فَبَعَثَ اللَّهُ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبَيْهَقِيُّ , ثنا جَدِّي ثنا أَبُو ثَابِتٍ , حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ , وَذَكَرَ قَوْلَ الْمَرْأَةِ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ , وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ، وَقَالَ فِي الشِّعْرِ:

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ،

وَزَادَ وَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ ⦗٣١٠⦘ يَوْمَ أُصِيبَ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ. وَذَكَرَ فِي عَاصِمٍ مَا بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الدَّبْرِ حَتَّى حَمَتْهُ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ فِي الْمَغَازِي، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، وَزَادَ: فَلَمَّا حَالَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ قَالُوا: دَعُوهُ حَتَّى يُمْسِيَ فَتَذْهَبَ عَنْهُ فَنَأْخُذَهُ , فَبَعَثَ اللَّهُ الْوَادِيَ , فَاحْتَمَلَ عَاصِمًا , فَذَهَبَ بِهِ. قَالَ: وَقَدْ كَانَ عَاصِمٌ أَعْطَى اللَّهَ عَهْدًا لَا يَمَسُّ مُشْرِكًا وَلَا يَمَسُّهُ مُشْرِكٌ أَبَدًا فِي حَيَاتِهِ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ: يَحْفَظُ اللَّهُ الْمُؤْمِنَ، فَمَنَعَهُ اللَّهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَا امْتَنَعَ مِنْهُمْ فِي حَيَاتِهِ. وَرُوِّينَا عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ اسْتِجَابَةَ اللَّهِ دُعَاءَ خُبَيْبٍ عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوهُ , فَلَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ وَمِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرُ رَجُلٍ لَبَدَ بِالْأَرْضِ حِينَ رَآهُ يَدْعُو، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ كَرَامَاتٌ ظَهَرَتْ عَلَى مَنْ سُمِّيَ فِيهِ

<<  <   >  >>