بَابُ الِاحْتِجَاجِ عَلَى الْوَاقِفَةِ
٣٥٤ - قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: ثُمَّ إِنَّ نَاسًا مِمَّنْ كَتَبُوا الْعِلْمَ بِزَعْمِهِمْ وَادَّعَوْا مَعْرِفَتَهُ وَقَفُوا فِي الْقُرْآنِ، فَقَالُوا: لَا نَقُولُ مَخْلُوقٌ هُوَ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَعَ وُقُوفِهِمْ هَذَا لَمْ يَرْضَوْا حَتَّى ادَّعَوْا أَنَّهُمْ يَنْسُبُونَ إِلَى الْبِدْعَةِ مَنْ خَالَفَهُمْ وَقَالَ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ.
٣٥٥ - فَقُلْنَا لِهَذِهِ الْعِصَابَةِ: أَمَّا قَوْلُكُمْ: مُبْتَدِعٌ، فَظُلْمٌ وَحَيْفٌ فِي دَعْوَاكُمْ حَتَّى تَفْهَمُوا الْأَمْرَ وَتَعْقِلُوهُ، لِأَنَّكُمْ جَهِلْتُمْ أَيَّ الْفَرِيقَيْنِ أَصَابُوا السُّنَّةَ وَالْحَقَّ، فَيَكُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ مُبْتَدِعَةً عِنْدَكُمْ، وَالْبِدْعَةُ أَمْرُهَا شَدِيدٌ، وَالْمَنْسُوبُ إِلَيْهَا سَيِّءُ الْحَالِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا تَعْجَلُوا بِالْبِدْعَةِ حَتَّى تَسْتَيْقِنُوا وَتَعْلَمُوا أَحَقًّا قَالَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَمْ بَاطِلًا؟ وَكَيْفَ تَسْتَعْجِلُونَ أَنْ تَنْسِبُوا إِلَى الْبِدْعَةِ أَقْوَامًا فِي قَوْلٍ قَالُوهُ، وَلَا تَدْرُونَ أَنَّهُمْ أَصَابُوا الْحَقَّ فِي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ أَمْ أَخْطَؤُوهُ، وَلَا يُمْكِنُكُمْ فِي مَذْهَبِكُمْ أَنْ تَقُولُوا لِوَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ: لَمْ تُصِبِ الْحَقَّ بِقَوْلِكَ، وَلَيْسَ كَمَا قُلْتَ فَمَنْ أَسْفَهُ فِي مَذْهَبِهِ وَأَجْهَلُ مِمَّنْ يَنْسِبُ إِلَى الْبِدْعَةِ أَقْوَامًا يَقُولُ: لَا نَدْرِي أَهُوَ كَمَا قَالُوا أَمْ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا يَأْمَنُ فِي مَذْهَبِهِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَصَابُوا الْحَقَّ وَالسُّنَّةَ، فَسَمَّاهُمْ مُبْتَدِعَةً، وَلَا يَأْمَنُ فِي دَعْوَاهُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ بَاطِلًا وَالسُّنَّةُ بِدْعَةً؟ هَذَا ضَلَالٌ بَيِّنٌ وَجَهْلٌ غَيْرُ صَغِيرٍ.
⦗١٩٤⦘
٣٥٦ - وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: لَا نَدْرِي مَخْلُوقٌ هُوَ أَمْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْكُمْ قِلَّةَ عِلْمٍ بِهِ وَفَهْمٍ فَإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فِيهِ النَّظَرُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَيُحْتَمَلُ بِالْعُقُولِ، وَجَدْنَا الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا شَيْئَيْنِ: الْخَالِقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ، وَالْمَخْلُوقِينَ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِمْ، فَالْخَالِقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَالْمَخْلُوقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ مَخْلُوقٌ، فَانْظُرُوا فِي هَذَا الْقُرْآنِ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَكُمْ صِفَةُ الْمَخْلُوقِينَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَشُكُّوا فِي الْمَخْلُوقِينَ وَفِي كَلَامِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ كُلُّهَا لَا شَكَّ فِيهَا، فَيَلْزَمُكُمْ فِي دَعْوَاكُمْ حِينَئِذٍ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ، فَلْتَسْتَرِيحُوا مِنَ الْقَالِ وَالْقِيلِ فِيهِ، وَتُغَيِّرُوا عَنْ ضَمَائِرِكُمْ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَكُمْ هُوَ صِفَةَ الْخَالِقِ وَكَلَامِهِ حَقًّا وَمِنْهُ خَرَجَ، فَلَا يَنْبَغِي لِمُصَلٍّ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَشُكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، هَذَا وَاضِحٌ لَا لَبْسَ فِيهِ إِلَّا عَلَى مَنْ جَهِلَ الْعِلْمَ أَمْثَالُكُمْ وَمَا فَرَّقَ بَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ مَنْ قَالَ: هُوَ مَخْلُوقٌ إِلَّا يَسِيرٌ، يَزْعُمُ أُولَئِكَ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ مُضَافٌ إِلَيْهِ مَخْلُوقٌ، وَزَعَمْتُمْ أَنْتُمْ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَلَا تَدْرُونَ مَخْلُوقٌ هُوَ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَإِذَا لَمْ تَدْرُوا لَمْ تَأْمَنُوا فِي مَذْهَبِكُمْ أَنْ يَكُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَالُوا: مَخْلُوقٌ، قَدْ أَصَابُوا مِنْ قَوْلِكُمْ، فَكَيْفَ تَنْسِبُونَهُمْ إِلَى الْبِدْعَةِ وَأَنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ أَمْرِهِمْ؟ فَلَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَنْسِبَ رَجُلًا إِلَى بِدْعَةٍ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ وَفِعْلَهُ بَاطِلٌ لَيْسَ كَمَا يَقُولُ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ فَرْقَ مَا بَيْنَكُمْ يَسِيرٌ، لِأَنَّ أُولَئِكَ ادَّعَوْا أَنَّهُ ⦗١٩٥⦘ مَخْلُوقٌ، وَزَعَمْتُمْ أَنْتُمْ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَقَدِ ابْتَدَعَ وَضَلَّ فِي دَعْوَاكُمْ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مُبْتَدِعًا عِنْدَكُمْ، لَا تَشُكُّونَ فِيهِ أَنَّهُ لَمَخْلُوقٌ حَقًّا لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَكِنْ تَسْتَتِرُونَ مِنَ الِافْتِضَاحِ بِهِ مَخَافَةَ التَّشْنِيعِ، وَجَعَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ جُنَّةً وَدَلَسَةً لِلْجَهْمِيَّةِ عِنْدَ النَّاسِ، تُصَوِّبُونَ آرَاءَهُمْ وَتُحَسِّنُونَ أَمْرَهُمْ وَتَنْسِبُونَ إِلَى الْبِدْعَةِ مَنْ خَالَفَهُمْ.
٣٥٧ - وَالْحُجَّةُ عَلَى هَذِهِ الْعِصَابَةِ أَيْضًا جَمِيعُ مَا احْتَجَجْنَا بِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي تَحْقِيقِ كَلَامِ اللَّهِ وَمَا رَوَيْنَا فِيهِ مِنْ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ بَعْدَهُ أَنَّ الْقُرْآنَ نَفْسُ كَلَامِ اللَّهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَهِيَ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ عَلَيْهِمْ كَمَا تَدْخُلُ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ، وَصَدَّقَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦] . وَفِي قَوْلِهِ: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: ١٥] . فَأَيْقَنَ بِأَنَّهُ كَلَامُهُ حَقًّا كَمَا سَمَّاهُ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ، لَزِمَهُ الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ كَلَامًا مَخْلُوقًا لِنَفْسِهِ صِفَةً وَكَلَامًا، وَلَمْ يُضِفْ إِلَى نَفْسِهِ كَلَامَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ، وَلَا يُقَاسُ كَلَامُ اللَّهِ بِبَيْتِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ وَخَلْقِ اللَّهِ وَرَوْحِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْخَلْقَ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ وَلَا مِنْ صِفَاتِهِ، وَكَلَامُهُ صِفَتُهُ وَمِنْهُ خَرَجَ، فَلَا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْكَلَامِ إِلَّا مَا تَكَلَّمَ بِهِ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يُنْسَبَ كَلَامُ مَخْلُوقٍ إِلَى اللَّهِ فَيَكُونَ لِلَّهِ كَلَامًا وَصِفَةً، كَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ بَيْتُ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ لَجَازَ أَنْ نَقُولَ: كُلُّ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنْ حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ أَوْ شِعْرٍ أَوْ غِنَاءٍ أَوْ نَوْحٍ كَلَامُ اللَّهِ، فَمَا فَضْلُ الْقُرْآنِ فِي هَذَا الْقِيَاسِ عَلَى ⦗١٩٦⦘ سَائِرِ كَلَامِ الْمَخْلُوقِينَ إِنْ كَانَ كُلُّهُ يُنْسَبُ إِلَى اللَّهِ، وَيُقَامُ لِلَّهِ صِفَةً وَكَلَامًا فِي دَعْوَاكُمْ؟ فَهَذَا ضَلَالٌ بَيِّنٌ، مَعَ أَنَّا قَدْ كُفِينَا مُؤْنَةَ النَّظَرِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْبَيَانِ، وَفِي الْأَثَرِ مِنَ الْبُرْهَانِ، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
٣٥٨ - قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: احْتَجَجْنَا بِهَذِهِ الْحُجَجِ وَمَا أَشْبَهَهَا عَلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ الْوَاقِفَةِ، وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ احْتِجَاجِهِمْ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ أَنْ قَالُوا: إِنَّ نَاسًا مِنْ مَشْيَخَةِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ عَرَفْنَاهُمْ عَنْ قِلَّةِ الْبَصَرِ بِمَذَاهِبِ الْجَهْمِيَّةِ سُئِلُوا عَنِ الْقُرْآنِ، فَقَالُوا: لَا نَقُولُ فِيهِ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَأَمْسَكُوا عَنْهُ إِذْ لَمْ يَتَوَجَّهُوا لِمُرَادِ الْقَوْمِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أُغْلُوطَةً وَقَعَتْ فِي مَسَامِعِهِمْ لَمْ يَعْرِفُوا تَأْوِيلَهَا، وَلَمْ يُبْتَلُوا بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَكَفُّوا عَنِ الْجَوَّابِ فِيهِ وَأَمْسَكُوا. فَحِينَ وَقَعَتْ فِي مَسَامِعِ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ بِهِمْ وَبِكَلَامِهِمْ وَمُرَادِهِمْ مِمَّنْ جَالَسُوهُمْ وَنَاظَرُوهُمْ وَسَمِعُوا قُبْحَ كَلَامِهِمْ، مِثْلُ مَنْ سَمَّيْنَا، مِثْلُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَالْقَاسِمِ الْجَزَرِيِّ، وَبَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ، وَالْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ، وَنُظَرَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ بِكَلَامِ الْجَهْمِيَّةِ، لَمْ يَشُكُّوا أَنَّهَا كَلِمَةُ كُفْرٍ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ نَفْسُ كَلَامِ اللَّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَأَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ إِذْ رَدَّ اللَّهُ عَلَى الْوَحِيدِ قَوْلَهُ: إِنَّهُ قَوْلُ الْبَشَرِ وَأَصْلَاهُ عَلَيْهِ سَقَرَ، فَصَرَّحُوا بِهِ عَلَى عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَالْحُجَّةُ بِالْعَارِفِ بِالشَّيْءِ، لَا بِالْغَافِلِ عَنْهُ الْقَلِيلِ الْبَصَرِ بِهِ، فَتَعَلَّقَ هَؤُلَاءِ فِيهِ بِإِمْسَاكِ أَهْلِ الْبَصَرِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى قَوْلِ مَنِ اسْتَنْبَطَهُ وَعَرَفَ أَصْلَهُ ⦗١٩٧⦘، فَقُلْنَا لَهُمْ: إِنْ يَكُ جَبُنَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ احْتَجَجْتُمْ بِهِمْ مِنْ قِلَّةِ بَصَرٍ، فَقَدِ اجْتَرَأَ هَؤُلَاءِ، وَصَرَّحُوا بِبَصَرٍ، وَكَانُوا مِنْ أَعْلَامِ النَّاسِ وَأَهْلِ الْبَصَرِ بِأُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ حَتَّى أَكْفَرُوا مَنْ قَالَ: مَخْلُوقٌ، غَيْرُ شَاكِّينَ فِي كُفْرِهِمْ وَلَا مُرْتَابِينَ فِيهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute