٦٢ - وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ جَارِيَةً لِي تَرْعَى غَنَمًا، فَجِئْتُهَا، فَفَقَدْتُ شَاةً مِنَ الْغَنَمِ، فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا فَقَالَتْ: أَكَلَهَا الذِّئْبُ، فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا، وَكُنْتُ مِنْ بَنِي آدَمَ، فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا، وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ، أَفَأُعْتِقُهَا؟، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ اللَّهُ؟» قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ قَالَ: «مَنْ أَنَا؟» قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ
٦٣ - قَالَ: «أَعْتِقْهَا» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَفِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ فَلَيْسَ ⦗٤٧⦘ بِمُؤْمِنٍ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَأُعْتِقَ لَمْ يَجُزْ فِي رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، إِذْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ. أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ أَمَارَةَ إِيمَانِهَا مَعْرِفَتَهَا أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ؟
٦٤ - وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ اللَّهُ؟» تَكْذِيبٌ لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: هُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَا يُوصَفُ بِ «أَيْنَ» ، لِأَنَّ شَيْئًا لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُقَالَ: «أَيْنَ هُوَ؟» ، وَلَا يُقَالُ: «أَيْنَ» إِلَّا لِمَنْ هُوَ فِي مَكَانٍ يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ.
٦٥ - وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يَدَّعِي هَؤُلَاءِ الزَّائِغَةُ لَأَنْكَرَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهَا وَعِلْمَهَا، وَلَكِنَّهَا عَلِمَتْ بِهِ، فَصَدَّقَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَهِدَ لَهَا بِالْإِيمَانِ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ كَمَا هُوَ فِي السَّمَاءِ لَمْ يَتِمَّ إِيمَانُهَا حَتَّى تَعْرِفَهُ فِي الْأَرْضِ، كَمَا عَرَفَتْهُ فِي السَّمَاءِ.
٦٦ - فَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ، فَوْقَ سَمَوَاتِهِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِذَلِكَ لَمْ يَعْرِفْ إِلَهَهُ الَّذِي يَعْبُدُ، وَعِلْمُهُ مِنْ فَوْقِ الْعَرْشِ بِأَقْصَى خَلْقِهِ وَأَدْنَاهُمْ وَاحِدٌ، لَا يَبْعُدُ عَنْهُ شَيْءٌ، {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُهُ الْمُعَطِّلُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute