٤٥ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ، وَسَأَلْتُ أَبَا صَفْوَانَ، يَعْنِي الرُّعَيْنِيَّ، «أَيُّ شَيْءٍ أَوَّلُ حُدُودِ الزُّهْدِ؟» ، فَقَالَ لَهُ أَبُو صَفْوَانَ: «اسْتِصْغَارُ الدُّنْيَا» ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ: «إِذَا كَانَ هَذَا عِنْدَكَ أَوَّلَ الْحُدُودِ، وَهُوَ عِنْدِي آخِرُ حُدُودِ الزُّهْدِ أَنْ يَسْتَصْغِرَهَا» ، وَقَامَ عَنْهُ وَتَرَكَهُ، ثُمَّ قَالَ: «خُذْ مِنِّي، فَإِنِّي خَبَرْتُ مَعْنَى الْوَصَّافِينَ أَنَّهُ لَيَزْهَدُ فِي الشَّيْءِ مِنَ الدُّنْيَا، ثُمَّ يُتْبِعُهَا نَفْسَهُ بَعْدُ، فَإِذَا بَلَغَ الْغَايَةَ اسْتَصْغَرَهَا» قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ لِلرَّجُلِ: «مَا أَعْرِفُ لِلرِّضَا حَدًّا، وَلَا لِلزُّهْدِ حَدًّا، وَلَا لِلْوَرَعِ حَدًّا، وَمَا أَعْرِفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا طَرَفًا» ، فَحَدَّثْتُ بِهِ سُلَيْمَانَ فَقَالَ: «لَكِنِّي أَعْرِفُ حَدَّ الرِّضَا مَنْ رَضَّى اللَّهَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ⦗٣٥⦘ فَقَدْ بَلَغَ الرِّضَا، وَأَعْرِفُ حَدَّ الزُّهْدِ، وَمَنْ زَهِدَ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَقَدْ بَلَغَ حَدَّ الزُّهْدِ، وَأَعْرِفُ حَدَّ الْوَرَعِ مَنْ وَرِعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَقَدْ بَلَغَ حَدَّ الْوَرَعِ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِمَّنْ تُنْسَبُ إِلَى عِلْمِ ذَلِكَ تَقُولُ: أَوَّلُ الزُّهْدِ إِخْرَاجُ قَدْرِهَا مِنَ الْقَلْبِ، وَآخِرُهُ خُرُوجُ قَدْرِهَا حَتَّى لَا يَقُومَ لَهَا فِي الْقَلْبِ قَدْرٌ، وَلَا يَخْطُرَ بِبِالٍ رَغْبَةٌ فِيهَا، وَلَا زُهْدٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ وَالزُّهْدَ لَا يَكُونَانِ إِلَّا فِيمَا قَامَ قَدْرُهُ فِي الْقَلْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute