بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ كُلَّ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَوْنُهُ سَعِيدًا، ثُمَّ جَرَى الْقَلَمُ بِسَعَادَتِهِ وَخَرَجَ فِي الْمَسْحَةِ الْأُولَى مِنْ ظَهْرِ آدَمَ، وَأَصَابَهُ النُّورُ الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِمْ، وَأَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ طَوْعًا فِي الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ، وَجُعِلَتِ الْجَنَّةُ لَهُ وَهُوَ فِي صُلْبِ أَبِيهِ، خُلِقَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ سَعِيدًا، وَوُلِدَ سَعِيدًا، وَخُتِمَ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَوْنُهُ شَقِيًّا، ثُمَّ جَرَى الْقَلَمُ بِشَقَاوَتِهِ، وَخَرَجَ فِي الْمَسْحَةِ الْأُخْرَى مِنْ ظَهْرِ آدَمَ، وَأَخْطَأَهُ النُّورُ الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِمْ، وَامْتَنَعَ مِنَ الْإِقْرَارِ بِالتَّوْحِيدِ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ كَرْهًا فِي الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ، وَجُعِلَتِ النَّارُ لَهُ وَهُوَ فِي صُلْبِ أَبِيهِ، خُلِقَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ شَقِيًّا، وَوُلِدَ شَقِيًّا، وَخُتِمَ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: ٨١] فَأَشَارَ إِلَى كُفْرِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ طُبِعَ كَافِرًا، وَأَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنَّهُ يُبْدِلَهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا، وَفِي ذَلِكَ إِخْبَارٌ عَنْ خَلْقِهِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ خَيِّرًا زَكِيًّا، وَقَالَ فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٧] ، وَقَالَ فِيمَنْ أَخْبَرَ عَنْ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: ٣٨] وَقَالَ: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute