للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَدَّثَهُ» وَلَا مَا يَقُومُ مَقَامَ هَذَا مِنَ الْأَلْفَاظِ: احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ فُلَانٍ الَّذِي حَدَّثَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ الثَّانِي رَجُلٌ آخَرُ لَمْ يُسَمِّهِ , لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: حُدِّثْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذَا وَكَذَا , وَفُلَانٌ «حَدَّثَنَا» عَنْ «مَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ , وَسَوَاءٌ قِيلَ ذَلِكَ فِيمَنْ عُلِمَ أَنَّ الْمُخَاطِبَ لَمْ يَرَهُ , أَوْ فِيمَنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ مِنْهُ , لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ» عَنْ" إِنَّمَا هُوَ أَنَّ رَدَّ الْحَدِيثِ إِلَيْهِ , وَهَذَا سَائِغٌ فِي اللُّغَةِ مُسْتَعْمَلٌ بَيْنَ النَّاسِ , قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْعِلَّةُ فِي الْمَرَاسِيلِ , وَقَدْ نَظَمَ هَذَا الْمَعْنَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ شِعْرًا فَقَالَ:

يَتَأَدَّى إِلَيَّ عَنْكَ مَلِيحٌ مِنْ ... حَدِيثٍ وَبَارِعٌ مِنْ بَيَانِ

بَيْنَ قَوْلِ الْفَقِيهِ «حَدَّثَنَا» سُفْيَانُ ... فَرْقٌ وَبَيْنَ عَنْ سُفْيَانِ

قَالَ الْخَطِيبُ: وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُحَدِّثِ «حَدَّثَنَا» فُلَانٌ «عَنْ» فُلَانٍ , صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ , إِذَا كَانَ شَيْخُهُ الَّذِي ذَكَرَهُ يُعْرَفُ أَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ الَّذِي حَدَّثَ عَنْهُ وَلَقِيَهُ وَسَمِعَ مِنْهُ , وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْمُحَدِّثُ مِمَّنْ يُدَلِّسُ , وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَسْتَجِيزُ إِذَا حَدَّثَهُ أَحَدُ شُيُوخِهِ عَنْ بَعْضِ مَنْ أَدْرَكَهُ حَدِيثًا نَازِلًا , فَسَمَّى بَيْنَهُمَا فِي الْإِسْنَادِ مَنْ حَدَّثَهُ بِهِ , أَنْ يُسْقِطَ ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَيَرْوِيَ الْحَدِيثَ عَالِيًا فَيَقُولُ: «حَدَّثَنَا» فُلَانٌ «عَنْ» فُلَانٍ , أَعْنِي الَّذِي لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُ , لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الْحَدِيثِ السَّالِمِ رِوَايَةً مِمَّا وَصَفْنَا الِاتِّصَالُ , وَإِنْ كَانَتِ الْعَنْعَنَةُ هِيَ الْغَالِبَةَ عَلَى إِسْنَادِهِ

<<  <   >  >>