للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَأَمَّا الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُ آنِفًا فَإِنَّمَا قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ , أَنْ يُجِيزَ الْعِلْمَ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَلَا خَدَمَهُ , وَعَانَى التَّعَبَ فِيهِ , فَكَانَ يَقُولُ , إِذَا امْتَنَعَ مِنْ إِعْطَاءِ الْإِجَازَةِ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ: يُحِبُّ أَحَدُهُمْ أَنْ يُدْعَى قَسًّا وَلَمَّا يَخْدُمِ الْكَنِيسَةَ , وَيَضْرِبُ ذَلِكَ مَثَلًا , يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ فَقِيهَ بَلَدِهِ وَمُحَدِّثَ مِصْرِهِ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَاسِيَ عَنَاءَ الطَّلَبِ وَمَشَقَّةَ الرِّحْلَةِ , اتِّكَالًا عَلَى الْإِجَازَةِ , كَمَنْ أَحَبَّ مِنْ رُذَالِ النَّصَارَى أَنْ يَكُونَ قَسًّا وَمَرْتَبَتُهُ لَا يَنَالُهَا الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إِلَّا بَعْدَ اسْتِدْرَاجٍ طَوِيلٍ وَتَعَبٍ شَدِيدٍ , وَكَانَ مَالِكٌ يَشْتَرِطُ فِي الْإِجَازَةِ أَنْ يَكُونَ فَرْعُ الطَّالِبِ مُعَارَضًا بِأَصْلِ الرَّاوِي , حَتَّى كَأَنَّهُ هُوَ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ عَالِمًا بِمَا يُخْبِرُ بِهِ , مَعْرُوفًا بِذَلِكَ , ثِقَةً فِي دِينِهِ وَرِوَايَتِهِ , وَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَجِيزُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , وَعَلَيْهِ سَمْتُهُ حَتَّى لَا يُوضَعَ الْعِلْمُ إِلَّا عِنْدَ أَهْلِهِ

<<  <   >  >>