للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، ثنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى , قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لِمَ لَمْ تَقْبَلْ مَا حَدَّثَكَ الثِّقَةُ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ، لِمَا انْتَهَى إِلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ جَرْحِهِ لِبَعْضِ مَنْ حَدَّثَ بِهِ , وَتَكُونُ مُقَلِّدًا ذَلِكَ الثِّقَةَ مُكْتَفِيًا بِهِ , غَيْرَ مُفَتِّشٍ لَهُ , وَهُوَ حَمَلَهُ وَرَضِيَهُ لِنَفْسِهِ؟ فَقُلْتُ: لِأَنَّهُ قَدِ انْتَهَى إِلَيَّ فِي ذَلِكَ عِلْمُ مَا جَهِلَ الثِّقَةُ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْهُ , فَلَا يَسَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْهُ لِمَا انْتَهَى إِلَيَّ فِيهِ , بَلْ يَضِيقُ ذَلِكَ عَلَيَّ , وَيَكُونُ ذَلِكَ وَاسِعًا لِلَّذِي حَدَّثَنِي عَنْهُ , إِذَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ مَا عَلِمْتُ مِنْ ذَلِكَ , وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ , وَيَسْأَلُ عَنْهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ , فَيُعَدَّلُ فَيَقْبَلُ شَهَادَتَهُ , ثُمَّ يَشْهَدُ عِنْدَهُ مَرَّةً أُخْرَى أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ , فَيَسْأَلُ عَنْهُ فَلَا يُعَدَّلُ , فَيَرُدُّهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ إِجَازَتِهِ لَهَا , لَا يَسَعُهُ إِلَّا ذَلِكَ , وَلَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ بَعْدَهُ أَنْ يُجِيزَهَا , إِذَا لَمْ يُعَدَّلْ إِنْ كَانَ حَاكِمٌ قَبِلَهُ , فَكَذَلِكَ أَنَا وَالَّذِي حَدَّثَنِي فِيمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ عِلْمِ مَا جَهِلَ مِنْ ذَلِكَ , وَكِلَانَا مَصِيبٌ فِيمَا فَعَلَ " قَالَ الْخَطِيبُ: وَلِأَنَّ مَنْ عَمِلَ بِقَوْلِ الْجَارِحِ لَمْ يَتَّهِمِ الْمُزَكِّي وَلَمْ يُخْرِجْهُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ عَدْلًا , وَمَتَى لَمْ نَعْمَلْ بِقَوْلِ الْجَارِحِ كَانَ فِي ذَلِكَ تَكْذِيبٌ لَهُ , وَنَقْضٌ لِعَدَالَتِهِ , وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ حَالَهُ فِي الْأَمَانَةِ مُخَالِفَةٌ لِذَلِكَ , وَلِأَجْلِ هَذَا وَجَبَ إِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ , وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ آخَرَانِ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْهُ , أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ بِقَضَاءِ الْحَقِّ أَوْلَى , لِأَنَّ شَاهِدَيِ الْقَضَاءِ يُصَدِّقَانِ الْآخَرَيْنِ , وَيَقُولَانِ: عَلِمْنَا خُرُوجَهُ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ , وَأَنْتُمَا لَمْ تَعْلَمَا ذَلِكَ , وَلَوْ قَالَ شَاهِدَا ثُبُوتِ الْحَقِّ: نَشْهَدُ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْحَقِّ , لَكَانَتْ شَهَادَةً بَاطِلَةً

<<  <   >  >>