للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَالِكِيُّ , أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الطَّيِّبِ , قَالَ: إِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا: قَوْلُكُمْ فِيمَنْ أَنْكَرَ شَيْخُهُ أَنْ يَكُونَ حَدَّثَهُ بِمَا رَوَاهُ عَنْهُ؟ قِيلَ: إِنْ كَانَ إِنْكَارُهُ لِذَلِكَ إِنْكَارَ شَاكٍّ مُتَوَقِّفٍ , وَهُوَ لَا يَدْرِي هَلْ حَدَّثَهُ بِهِ أَمْ لَا , فَهُوَ غَيْرُ جَارِحٍ لِمَنْ رَوَى عَنْهُ وَلَا مُكَذِّبٍ لَهُ , وَيَجِبُ قَبُولُ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْعَمَلُ بِهِ , لِأَنَّهُ قَدْ يُحَدِّثُ الرَّجُلُ بِالْحَدِيثِ وَيَنْسَى أَنَّهُ حَدَّثَ بِهِ , وَهَذَا غَيْرُ قَاطِعٍ عَلَى تَكْذِيبِ مَنْ رَوَى عَنْهُ , وَإِنْ كَانَ جُحُودُهُ لِلرِّوَايَةِ عَنْهُ جُحُودَ مُصَمِّمٍ عَلَى تَكْذِيبِ الرَّاوِي عَنْهُ , وَقَاطِعٍ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ , وَيَقُولُ: كَذَبَ عَلَيَّ , فَذَلِكَ جَرْحٌ مِنْهُ لَهُ , فَيَجِبُ أَلَّا يُعْمَلَ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ وَحْدَهُ مِنْ حَدِيثِ الرَّاوِي , وَلَا يَكُونُ هَذَا الْإِنْكَارُ جَرْحًا يُبْطِلُ جَمِيعَ مَا يَرْوِيهِ الرَّاوِي , لِأَنَّهُ جَرْحٌ غَيْرُ ثَابِتٍ بِالْوَاحِدِ , وَلِأَنَّ الرَّاوِيَ الْعَدْلَ أَيْضًا يَجْرَحُ شَيْخَهُ , وَيَقُولُ: قَدْ كَذَبَ فِي تَكْذِيبِهِ لِي , وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِي , وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي حَدَّثْتُهُ أَوْ لَا , لَوَقَفْتُ فِي حَالِهِ. فَأَمَّا قَوْلُهُ: أَنَا أَعْلَمُ أَنِّي مَا حَدَّثْتُهُ , فَقَدْ كَذَبَ وَلَيْسَ جَرْحُ شَيْخِهِ لَهُ أَوْلَى مِنْ قَبُولِ جَرْحِهِ لِشَيْخِهِ , فَيَجِبُ إِيقَافُ الْعَمَلِ بِهَذَا الْخَبَرِ , وَيُرْجَعُ فِي الْحُكْمِ إِلَى غَيْرِهِ , وَيُجْعَلُ بِمَثَابَةِ مَا لَمْ يَرِدْ , اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَرْوِيَهُ الشَّيْخُ مَعَ قَوْلِهِ: إِنِّي لَمْ أُحَدِّثْهُ لِهَذَا الرَّاوِي , فَيُعْمَلُ بِهِ بِرِوَايَتِهِ دُونَ رِوَايَةِ رَاوِيهِ عَنْهُ " قَالَ الْخَطِيبُ: وَلِأَجْلِ أَنَّ النِّسْيَانَ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى الْإِنْسَانِ , فَيُتَبَادَرُ إِلَى جُحُودِ مَا رُوِيَ عَنْهُ , وَتَكْذِيبِ الرَّاوِي لَهُ؛

<<  <   >  >>