للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكَاتِبِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْجَوْهَرِيُّ , (ح) وَأنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْهَمَذَانِيُّ، ثنا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَانَ الطَّرَائِفِيُّ , قَالَا: ثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ , قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " فَلَمَّا نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ إِلَى اسْتِمَاعِ مَقَالَتِهِ وَحِفْظِهَا وَأَدَائِهَا امْرَأً يُؤَدِّيهَا , وَالِامْرُؤُ وَاحِدٌ , دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ إِلَّا مَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ أُدِّيَ إِلَيْهِ , لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُؤَدَّى عَنْهُ حَلَالٌ يُؤْتَى , وَحَرَامٌ يُجْتَنَبُ , وَحَدٌّ يُقَامُ , وَمَالٌ يُؤْخَذُ وَيُعْطَى , وَنَصِيحَةٌ فِي دَيْنٍ وَدُنْيَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَهْلُ قُبَاءَ أَهْلُ سَابِقَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَفِقْهٍ , وَقَدْ كَانُوا عَلَى قِبْلَةٍ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ اسْتِقْبَالَهَا , وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَدَعُوا فَرْضَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الْقِبْلَةِ إِلَّا بِمَا تَقُومُ عَلَيْهِمْ بِهِ الْحُجَّةُ , وَلَمْ يَلْقَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ وَلَمْ يَسْمَعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ , فَيَكُونُوا مُسْتَقْبِلِينَ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَاعًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ وَلَا بِخَبَرِ عَامَّةٍ , وَانْتَقَلُوا بِخَبَرِ وَاحِدٍ , إِذْ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ عَنْ فَرْضٍ كَانَ عَلَيْهِمْ فَتَرَكُوهُ إِلَى مَا أَخْبَرَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ أَنَّهُ أُحْدِثَ عَلَيْهِمْ ⦗٣٠⦘ مِنْ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَمْ يَكُونُوا لِيَفْعَلُوهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَبَرِ وَاحِدٍ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ بِأَنَّ الْحُجَّةَ تَثْبُتُ بِمِثْلِهِ , إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ , وَلَا لِيُحْدِثُوا أَيْضًا مِثْلَ هَذَا الْعَظِيمِ فِي دِينِهِمْ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ بِأَنَّ لَهُمْ إِحْدَاثَهُ , وَلَا يَدَعُونَ أَنْ يُخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ بِمَا صَنَعُوا مِنْهُ , وَلَوْ كَانَ مَا قَبِلُوا مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ فَرْضٌ مِمَّا لَا يَجُوزُ , لَقَالَ لَهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ: قَدْ كُنْتُمْ عَلَى قِبْلَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَكُمْ تَرْكُهَا إِلَّا بَعْدَ عِلْمٍ تَقُومُ بِهِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ مِنْ سَمَاعِكُمْ مِنِّي أَوْ خَبَرِ عَامَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ خَبَرِ وَاحِدٍ عَنِي , قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ أَبَا بَكْرٍ وَالِيًا عَلَى الْحَجِّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ , وَحَضَرَ الْحَجَّ مِنْ أَهْلِ بُلْدَانٍ مُخْتَلِفِينَ وَشُعُوبٍ مُتَفَرِّقَةٍ , فَأَقَامَ لَهُمْ مَنَاسِكَهُمْ , وَأَخْبَرَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ بِمَا لَهُمْ وَمَا عَلَيْهِمْ , وَبَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ فِي مَجْمَعِهِمْ يَوْمَ النَّحْرِ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ بَرَاءَةٌ وَنَبَذَ إِلَى قَوْمٍ عَلَى سَوَاءٍ , وَجَعَلَ لِقَوْمٍ مَدَدًا وَنَهَاهُمْ عَنْ أُمُورٍ , فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ مَعْرُوفَيْنِ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ بِالْفَضْلِ وَالدِّينِ وَالصِّدْقِ , وَكَانَ مَنْ جَهِلَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا مِنَ الْحَاجِّ وَجَدَ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ صِدْقِهِمَا وَفَضْلِهِمَا , وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ لِيَبْعَثَ وَاحِدًا إِلَّا وَاحِدًا حُجَّةٌ قَائِمَةٌ بِخَبَرِهِ عَلَى مَنْ بَعَثَهُ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَفَرَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ عُمَّالًا عَلَى نَوَاحِيَ عَرَفْنَا أَسْمَاءَهُمْ وَالْمَوَاضِعَ الَّتِي فَرَّقَهُمْ عَلَيْهَا , فَبَعَثَ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ وَالزِّبْرِقَانَ بْنَ بَدْرٍ وَابْنَ نُوَيْرَةَ إِلَى عَشَائِرِهِمْ , لِعِلْمِهِ بِصِدْقِهِمْ عِنْدَهُمْ. وَقَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ الْبَحْرَيْنِ فَعَرَفُوا مَنْ مَعَهُ , فَبَعَثَ مَعَهُمُ ابْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ , وَبَعَثَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ , وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ بِمَنْ أَطَاعَهُ مَنْ عَصَاهُ , وَيُعَلِّمُهُمْ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ , وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ , لِمَعْرِفَتِهِمْ بِمُعَاذٍ وَمَكَانِهِ مِنْهُمْ وَصِدْقِهِ فِيهِمْ , وَكُلُّ مَنْ وَلَّى فَقَدْ أَمَرَهُ بِأَخْذِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى مَنْ وَلَّاهُ عَلَيْهِ , وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عِنْدَنَا فِي أَحَدٍ مِمَّنْ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ وَاحِدٌ , وَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنَّا مَا لَمْ نَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَيْنَا , ⦗٣١⦘ وَلَا أَحْسَبُهُ بَعَثَهُمْ مَشْهُورِينَ فِي النَّوَاحِي الَّتِي بَعَثَهُمْ إِلَيْهَا بِالصِّدْقِ , إِلَّا لِمَا وَصَفْتُ مِنْ أَنْ تَقُومَ الْحُجَّةُ بِمِثْلِهِمْ عَلَى مَنْ بَعَثَهُ إِلَيْهِ "

<<  <   >  >>