بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ الطَّرَسُوسِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَابِرٍ الْبَزَّازُ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ نُوحٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ الطَّبَّاعِ , قَالَ: قَالَ لِي عَنْبَسَةُ: قُلْتُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: عَلِمْتُ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَخْتَصِرَ الْحَدِيثَ فَيَقْلِبُ مَعْنَاهُ؟ قَالَ: فَقَالَ لِي: أَوَفَطِنْتَ لَهُ " فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ مِنَ الْخَبَرِ مُتَضَمِّنًا لِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَأَمْرًا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمُتَضَمَّنِ الْبَعْضِ الَّذِي رَوَاهُ , وَلَا شَرْطًا فِيهِ , جَازَ لِلْمُحَدِّثِ رِوَايَةُ الْحَدِيثِ عَلَى النُّقْصَانِ , وَحَذْفُ بَعْضِهِ , وَقَامَ ذَلِكَ مَقَامَ خَبَرَيْنِ مُتَضَمَّنَيْنِ عِبَارَتَيْنِ مُنْفَصِلَتَيْنِ وَسِيرَتَيْنِ وَقَضِيَّتَيْنِ , لَا تَعَلُّقَ لِإِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى , فَكَمَا يَجُوزُ لِسَامِعِ الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ هَذِهِ حَالُهُمَا رِوَايَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ , فَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِسَامِعِ الْخَبَرِ الْوَاحِدِ الْقَائِمِ فِيمَا تَضَمَّنَهُ مَقَامَ الْخَبَرَيْنِ الْمُنْفَصِلَيْنِ رِوَايَةُ بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ رَوَاهُ هُوَ بِتَمَامِهِ , أَوْ رَوَاهُ غَيْرُهُ بِتَمَامِهِ , أَوْ لَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ وَلَا هُوَ بِتَمَامِهِ , لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ خَبَرَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ فِي أَمْرَيْنِ لَا تَعَلُّقَ لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ , وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِسَامِعِ الْخَبَرِ الَّذِي يَتَضَمَّنُ حُكْمًا مُتَعَلِّقًا بِغَيْرِهِ , وَأَمْرًا يَلْزَمُ فِي حُكْمِ الدِّينِ , لَا يَتَبَيَّنُ الْمَقْصِدُ مِنْهُ إِلَّا بِاسْتِمَاعِ الْخَبَرِ عَلَى تَمَامِهِ وَكَمَالِهِ , أَنْ يَرْوِيَ بَعْضَهُ دُونَ بَعْضٍ , لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ فَسَادٌ وَإِحَالَةٌ لِمَعْنَاهُ , وَسَدٌّ لِطَرِيقِ الْعِلْمِ بِالْمُرَادِ مِنْهُ , فَلَا فَصْلَ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ مُبَيَّنًا أَوْ هُوَ مَرَّةً قَبْلَهَا , أَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ , لِأَنَّهُ قَدْ يَسْمَعُهُ ثَانِيًا مِنْهُ إِذَا رَوَاهُ نَاقِصًا غَيْرُ الَّذِي سَمِعَهُ تَامًّا , فَلَا يَصِلُ بِنَصِّهِ إِلَى مَعْنَاهُ , وَقَدْ يَسْمَعُ رِوَايَتَهُ لَهُ نَاقِصًا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ رِوَايَةَ غَيْرِهِ لَهُ تَامًّا , فَلَا يَجُوزُ رِوَايَةُ مَا حَلَّ هَذَا الْمَحَلَّ مِنَ الْأَخْبَارِ إِلَّا عَلَى التَّمَامِ وَالِاسْتِقْصَاءِ , اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَرْوِيَ الْخَبَرَ بِتَمَامِهِ غَيْرُهُ , وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّ رَاوِيهِ عَلَى النُّقْصَانِ أَنَّ مَنْ يَرْوِيهِ لَهُ قَدْ سَمِعَهُ مِنَ الْغِيَرِ تَامًّا , وَأَنَّهُ يَحْفَظُهُ بِعَيْنِهِ , وَيَتَذَكَّرُ بِرِوَايَتِهِ لَهُ الْبَعْضَ بَاقِيَ الْخَبَرِ , فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ , فَإِنْ شَارَكَهُ فِي السَّمَاعِ غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ , وَكَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَرْوِيَهُ نَاقِصًا لِمَنْ كَانَ قَدْ رَوَاهُ لَهُ مِنْ قَبْلُ تَامًّا , إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ حَافِظٌ لَهُ بِتَمَامِهِ , وَذَاكِرٌ لَهُ , فَأَمَّا إِنْ خَافَ نِسْيَانَهُ وَالْتِبَاسَ الْأَمْرِ عَلَيْهِ , لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرْوِيَهُ لَهُ إِلَّا كَامِلًا ,