قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ وَرَّادٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: لَوْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْ سَعْدٍ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ غَيْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخَصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا شَخَصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ، وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخَصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِذَلِكَ وَعَدَ الْجَنَّةَ» قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «لَا شَخَصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ» ، أَيْ: لَا يَنْبَغِي لِشَخْصٍ أَنْ يَكُونَ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ، فَمَعْنَاهُ، أَيْ: لَا يَكُونُ الْعِبَادُ الَّذِينَ هُمْ أشخاصٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ الَّذِي لَيْسَ بِشَخْصٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُوصَفُ بِالشَّخْصِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ حَقِّ مَنْ يَتَرَفَّعُ، وَيَعْظُمُ قَدْرُهُ، وَيَشْرُفُ مَرْتَبَتُهُ أَنْ يَكُونَ لِشَرَفِهِ فِي الرُّتْبَةِ، وَعِظَمِ قَدْرِهِ، وَتَرَفُّعِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَنْ يَكُونَ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَاللَّهُ تَعَالَى جَلِيلٌ عَظِيمٌ، رَفِيعُ الْمَكَانِ، وَهُوَ عَلَى جَلَالَتِهِ وَكِبْرَيَائِهِ، وَشِدَّتِهِ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ، يُمْهِلُ عِبَادَهُ فِي مُوَاقَعَتِهِمُ الْفَوَاحِشَ، وَلَا يُعَاجِلُهُمْ بِالْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا، فَلَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَرْتَفِعَ عَنِ الْإِمْهَالِ، وَتَرْكِ مُعَاجَلَةِ الْعُقُوبَةِ لِغَيْرَتِهِ، فَيَقْتُلَ مَنْ يُوَاقِعُ الْفَاحِشَةَ، وَيَأْتِيهَا، وَلَكِنْ يُمْهِلُ إِلَى أَنْ تُطْلَقَ عَنْهُ الْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَتْلِهِ، فَإِنْ أَطْلَقَ الْأَمْرَ، وَإِلَّا مَهَّلَ وَتَرَبَّصَ، وَإِنْ كَانَ شَدِيدَ الْغَيْرَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ سَعْدًا كَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ، وَشَرِيفَ قَبِيلَتِهِ الْخَزْرَجِ، وَسَيِّدَهَا، وَرَفِيعَ الْقَدْرِ فِيهَا، وَجَلِيلَ الْخَطَرِ عِنْدَهَا، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى مُعَاجَلَةِ الْعُقُوبَةِ، إِذْ يَكَادُ يَخَافُ تَبِعَتَهَا، وَالشَّخْصُ مَا ارْتَفَعَ، وَنَمَا، وَتَزَايَدَ، فَكَأَنَّهُ ⦗١٧٥⦘ يَقُولُ: مَنْ كَانَ رِفْعَتُهُ، وَشَرَفُهُ، وَجَلَالَةُ قَدْرِهِ بِالنُّمُوِّ، وَالتَّزَايُدِ، وَالِارْتِفَاعِ مِنْ حَالَةِ الِانْخِفَاضِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَاوِزَ الْحَدَّ الَّذِي حُدَّ لَهُ، وَالْوَقْتَ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَاقِعَ بِالْعُقُوبَةِ مَوَاقِعَ الْفَاحِشَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ، وَأَعْلَى جَلَالَتِهِ، وَعَظَمَتِهُ، وَعُلُوِّهِ، لَمْ يَزَلْ، وَلَا يَزَالُ، وَغَيْرَتُهُ أَشَدُّ، وَهُوَ مَعَ هَذَا يُمْهِلُ مُوَاقِعَ الْفَاحِشَةِ، وَلَا يُعَاجِلُهُ، فَالشَّخْصُ أَوْلَى بِتَرْكِ مُعَاجَلَةِ الْعُقُوبَةِ، الدَّلِيلُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute