مَا حَدَّثَنَاهُ حَاتِمٌ، قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا لَمْ أَمَسَّهُ حَتَّى آَتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» قَالَ: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ كُنْتُ لَمُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ فِي رِوَايَةٍ: «كَفَى بِالسَّيْفِ شَاهِدًا» فِي رِوَايَةٍ قَالَ: " اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ: إِنَّهُ لَغَيُورٌ، وَلَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي " فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مُعَالَجَةَ الْعُقُوبَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا لِغَيْرَتِهِ، وَلَمْ يَخْفِ التَّبِعَةَ فِيهَا لِشَرَفِهِ فِي قَوْمِهِ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَغْيَرُ مِنْ سَعْدٍ، وَأَشْرَفُ، وَأَبْلَغُ سُؤْدُدًا مِنْهُ، وَهُوَ يَنْتَهِي إِلَى الْحَدِّ فِي الْغَيْرَةِ، فَلَا يُعَاجِلُ بِالْعُقُوبَةِ مُوَاقِعَ الْفَاحِشَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَأَعْلَى وَأَجَلُّ، وَهُوَ لَا يُعَاجِلُ بِالْعُقُوبَةِ، وَالشَّخْصُ الَّذِي شَرَفُهُ وَسُؤْدُدُهُ مِنْ جِهَةِ الشَّخْصِ بِالنُّمُوِّ وَالِازْدِيَادِ لِإِلْزَامِهِ أَحَقُّ وَأَوْلَى، ثُمَّ الْأَشْخَاصُ وَهُمُ الْمُتَرَفِّعُونَ الْأَشْرَافُ، وَمَنْ عَظُمَ قَدْرُهُ مِنْهُمْ لِعَمَلِهِ مِنْ قُوَّةٍ لِلسُّلْطَانِ، أَوْ شَرَفٍ بِحَالٍ، وَاتِّبَاعٍ، وَيَكُونُ لِشَرَفِهِمْ نُمُوًّا، وَتَزَايُدًا، وَبِالْعِلَلِ، وَالْأَسْبَابِ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُعْذَرُوا مِنْ أَفْعَالِهِمُ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ يُلَامُوا عَلَيْهَا، وَيَلْزَمُهُمُ التَّعْبِيرُ فِيهَا حَدًّا، فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ مُجَاوَزَتُهَا، وَأَقْدَارٌ لَيْسَ لَهُمْ تَعَدِّيهَا، فَرُبَّمَا يَفْعَلُونَ الْفِعْلَ الَّذِي يَلْزَمُهُمُ اللَّوْمُ عَلَيْهَا لِهَذِهِ الْعِلَلِ، وَهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُعْذِرُوا إِلَى النَّاسِ فِي أَفْعَالِهِمْ لِإِزَالَةِ اللَّوْمِ عَنْهُمْ، وَالتَّعْبِيرِ لَهُمْ، وَالنَّكِيرِ مِمَّنْ فَوْقَهُمْ عَلَيْهِمْ، فَاللَّهُ تَعَالَى فِي جَلَالِهِ، وَعَظَمَتِهِ، وَكِبْرَيَائِهِ، وَقَهْرِهِ لِخَلْقِهِ يُبْدِي الْعُذْرَ فِيمَا يَفْعَلُ بِخَلْقِهِ مِنْ عَدُوٍّ يُهْلِكُهُ، أَوْ وَلِيٍّ يُبْلِيهِ، فَقَالَ فِي أَعْدَائِهِ: {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل: ٣٣] ، {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ ⦗١٧٦⦘ الظَّالِمِينَ} [الزخرف: ٧٦] ، وَقَالَ: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ} [الأنعام: ١٤٦] ، وَأَشْبَاهُهُ كَثِيرٌ، وَقَالَ فِي أَوْلِيَائِهِ: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} [آل عمران: ١٥٢] الْآيَةَ، وَقَالَ تَعَالَى {وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي} [آل عمران: ١٩٥] ، {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٦٩] ، وَقَالَ {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} ، {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [آل عمران: ١٦٦] ، فَهُوَ جَلَّ جَلَالُهُ وَعَزَّ يُبْدِي هَذِهِ الْأَعْذَارَ فِي فِعْلِهِ، وَقَدْ بَعَثَ الْأَنْبِيَاءَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥] ، وَلِئَلَّا يَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ {إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: ١٧٢] ، {أَوْ تَقُولُوا لَوْ أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ} . وَأَمْثَالُهَا كَثِيرَةٌ، فَأَبْدَى هَذِهِ الْأَعْذَارَ إِلَى خَلْقِهِ، وَأَحَبَّ إِبْدَاءَ الْعُذْرِ فِي فِعْلِهِ مَعَ غِنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، إِذْ لَا يَلْزَمُهُ تَعَالَى فِي فِعْلِهِ لَوْمٌ، وَلَا يَلْحَقُهُ تَغَيُّرٌ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ نَكِيرٌ، وَلَا حَدَّ لَهُ فَيُجَاوِزَهُ، وَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ فِي مُلْكِهِ، وَهُوَ حَكِيمٌ عَالِمٌ قَادِرٌ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَيَحْكُمْ مَا يُرِيدُ، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يَسْأَلُونَ وَهُوَ تَعَالَى يُحِبُّ الْعُذْرَ فَضْلًا مِنْهُ وَكَرَمًا، وَإِجْلَالًا لِعُذْرٍ أَوْلِيَائِهِ وَبِرًّا بِهِمْ، وَلُطْفًا بِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّةِ الْأَجِلَّةِ وَالْأَشْرَابِ الَّذِينَ هُمْ أَشْخَاصٌ مَعْلُولُونَ، وَعِبَادٌ مَرْبُوبُونَ، وَهُوَ الْجَلِيلُ الْعَظِيمُ الرَّبُّ الْكَرِيمُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُحِبُّ الْعُذْرَ مِنْ عِبَادِهِ إِلَيْهِ، وَهُوَ أَنْ يَعْتَذِرُوا إِلَيْهِ مِنْ خَبَاءَاتِهِمْ، وَتَقْصِيرِهِمْ، فَيَغْفِرَهَا لَهُمْ، وَبَعَثَ الْمُرْسَلِينَ لِيَحِثُّوا عَلَى ذَلِكَ عِبَادَهُ، وَلِيَبْلُوا أَعْذَارَ عِبَادِهِ، وَيَشْفَعُوا لَهُمْ، كَمَا قَالَ {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ} [غافر: ٧] ، إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا} [غافر: ٧] الْآيَةَ. وَقَوْلُهُ: «وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ» الْأَشْخَاصُ: وَهُمُ الْمُتَرَفِّعُونَ الْمُتَزَايِدُونَ يُحِبُّونَ أَنْ يُمْدَحُوا وَيُثْنَى عَلَيْهِمْ فِي أَوْصَافِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ بِمَكَانِ غَيْرِهِمْ وَأَوْصَافِهِمْ، فَهَلْ غَيَّرَهُمْ بِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ بِقُوَّةٍ يُحْدِثُهَا فِيهِمْ مِنْ لَهُ الْعُذْرَةُ وَالْقُوَّةُ، وَيَسْتَحِقُّ عَلَيْهِمُ الثَّوَابَ مِنْهُمْ فِي الْمَدْحِ لَهُمْ، وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِمْ، وَرُبَّمَا لَمْ يُثْنُوا لِرُؤْيَةِ فَضْلٍ بِدُونِهِ فِيهِمْ، وَهُمْ بِحُبِّهِمْ عَنْهُ عَوَارِي، وَاللَّهُ تَعَالَى لِلْمَدْحِ أَحَبُّ، وَلِلثَّنَاءِ عَلَيْهِ أَشْكَرُ، إِذْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْمَدْحِ، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى رَفِيعُ الْأَوْصَافِ، جَمِيلُ الْأَفْعَالِ، وَهُوَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُّ، ذُو الْجَلَالِ ⦗١٧٧⦘ وَالْجَمَالِ، فَهُوَ يُحِبُّ الْمَدْحَ مِنْ عِبَادٍ لَهُ، وَالثَّنَاءَ مِنْهُمْ عَلَيْهِ، وَالْحَمْدَ وَالشُّكْرَ لَهُ لِيُثِيبَهُمْ عَلَيْهِ أَفْضَلَ الثَّوَابِ، وَيُنْعِمَ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ النِّعَمِ , وَكَذَلِكَ وَعَدَ الْجَنَّةَ لِيُمْدَحَ بِالْفَضْلِ وَاللُّطْفِ وَالْبِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلٌ فَهُوَ مُتَفَضِّلٌ فِيمَا وَعَدَ مِنَ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا، فَأَحَبَّ أَنْ يُمْدَحَ بِمَا يُمْدَحُ الْمُتَفَضِّلُ الْحَسَنُ الْفِعَالِ، الْجَمِيلُ الْأَوْصَافِ، وَوَعَدَ أَيْضًا عَلَى الْمَدْحِ لَهُ وَالثَّنَاءِ لَهُ وَالشُّكْرِ لَهُ الْجَنَّةَ وَثَوَابَهَا وَنَعِيمَهَا، وَمَا أَعَدَّ فِيهَا مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَهُوَ لِلْمَدْحِ أَشَدُّ حُبًّا مِنَ الْأَشْخَاصِ الْمَعْلُومِينَ، وَهُوَ بِالْمَدْحِ أَوْلَى، وَلَهُ أَحَقُّ، تَبَارَكَ اللَّهُ الْمَمْدُوحُ فِي أَوْصَافِهِ، الْمَحْمُودُ عَلَى أَفْعَالِهِ، الْمُنْعِمُ عَلَى عِبَادِهِ، الْمُتَفَضِّلُ الْبَرُّ الرَّءُوفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute