٨٦ - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ " فِي الْمَرِيضِ إِذَا طِيفَ بِهِ فَوَجَدَ إِفَاقَةً: نَزَلَ فَطَافَ مَا بَقِيَ مِنْ طَوَافٍ، وَاعْتَدَّ بِمَا طِيفَ بِهِ "
٨٧ - وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: إِنْ طَافَ الرَّجُلُ رَاكِبًا مِنْ عُذْرٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ طَافَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، أَعَادَ إِنْ كَانَ بِمَكَّةَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ وَعِلَّةُ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ: أَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ لَا يُجْزِئُ مَنْ قَدِرَ عَلَى أَدَائِهَا قَائِمًا، أَدَاؤُهَا قَاعِدًا، وَأَنَّهُ إِنْ صَلَّاهَا قَاعِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ يُعْذَرُ بِهِ فِي الْقُعُودِ مِنْهَا، فَعَلَيْهِ إِعَادَتُهَا، وَكَذَلِكَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ عِنْدَهُمْ، إِذْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ ⦗٧٣⦘، وَقَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَى هَؤُلَاءِ، إِذْ أَوْجَبُوا عَلَى الطَّائِفِ رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ إِعَادَةَ الطَّوَافَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ مُقِيمًا، أَنْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ الْعَوْدَ إِلَيْهَا، وَإِنْ خَرَجَ فَبَعُدَ مِنْهَا، لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمَرْءِ، لَا يُزِيلُهُ عَنْهُ بُعْدُهُ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَبَ أَدَاءُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِيهِ. فَإِنْ كَانُوا مَثَّلُوا ذَلِكَ بِالتَّارِكِ رَمْيَ الْجَمَرَاتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَيَّامُهُ، فِي أَنَّ الْفِدْيَةَ تُجْزِئُ مِنْهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَفُوتُ وَقْتُهَا مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، فَتَقُومُ الْفِدْيَةُ مَقَامَهَا، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَبْعَدُوا التَّمْثِيلَ، وَأَغْفَلُوا مَوْضِعَ التَّشْبِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّ لِرَمْيِ الْجَمَرَاتِ وَقْتًا مَحْدُودًا أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ فِيهِ تُرْمَى الْجَمَرَاتُ، فَإِذَا انْقَضَى ذَلِكَ الْوَقْتُ، لَمْ يَكُنْ رَمْيُهَا مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ إِنْ رُمِيَتْ. وَالطَّوَافُ الْوَاجِبُ بِالْبَيْتِ غَيْرُ مَحْدُودٍ آخِرُهُ بِحَدٍّ لَا يُتَجَاوَزُ، وَمَتَى طَافَ بِهِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطَّوَافُ بِهِ فِي حَجِّهِ أَجْزَأَهُ، فَالَّذِي يَشْخَصُ إِلَى الْكُوفَةِ قَبْلَ الطَّوَافِ بِهِ، أَوْ قَبْلَ الْعَوْدِ لِلطَّوَافِ مَنْ لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِلطَّوَافِ بِهِ، لَهُ السَّبِيلُ إِلَى الْعَوْدِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى يَطُوفَ بِهِ، وَيُجْزِيهِ طَوَافَهُ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ قَدْ تَأَخَّرَ عَنْ أَيَّامِ الْحَجِّ، فَذَلِكَ مُخَالِفٌ سَبِيلُهُ سَبِيلَ تَارِكِ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ أَيَّامَ مِنًى حَتَّى انْقَضَتْ وَأَمَا الَّذِي أَوْجَبَ عَلَى الطَّائِفِ رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ قَضَاءِ طَوَافِهِ، مُقِيمًا كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ مُنْصَرِفًا عَنْهُمَا إِلَى حَيْثُ انْصَرَفَ إِلَيْهِ مِنَ الْبِلَادِ، فَإِنَّهُ أَمَّ رُكُوبَ الْقِيَاسِ، فَخَالَفَ بِقِيَاسِهِ الْأَصْلَ الَّذِي عَلَيْهِ تُقَاسُ الْفُرُوعُ. وَذَلِكَ أَنَّ الْقِيَاسَ عِنْدَ أَهْلِهِ: إِلْحَاقُ الْفُرُوعِ الْحَادِثَةِ، بِالْأُصُولِ الْمُحْكَمَةِ، فَأَمَّا إِبْطَالُ الْأُصُولِ بِالْفُرُوعِ، فَذَلِكَ هُوَ الْجَهْلُ الْأَكْبَرُ ⦗٧٤⦘ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي أَنَّ الْعَوْدَ لِمَنْ طَافَ رَاكِبًا بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَلَدِهِ مِنَ الْكُوفَةِ أَوِ الْبَصْرَةِ، غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، فَذَلِكَ أَصْلٌ مُجَمَعٌ عَلَيْهِ، وَفِي إِيجَابِ مِنْ أَوْجَبِ عَلَيْهِ الْعُودَ لِقَضَاءِ ذَلِكَ، خُرُوجٌ مِنْهُ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِهِمْ، وَتَرْكٌ مِنْهُ أَصْلَهُ، لِأَنَّ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ خِلَافًا فِي مَسْأَلَةٍ تَكَلَّمَ فِيهِمَا أَهْلُ الْعِلْمِ، أَنَّ حَجَّتَهَا قَدْ لَزِمَتْ مَنِ انْتَهَتْ إِلَيْهِ. فَيُقَالُ لَهُ: مَنِ الْقَائِلُ قَوْلَكَ فِي ذَلِكَ، فَاسْتَجَزْتَ فِيهِ خِلَافَ مَنْ خَالَفْتَ فِيهِ؟ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَا يُصَدِّقُ ادِّعَاءَهُ، عَلَى أَحَدٍ مِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُدْوَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute