الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: يَقُولُونَ: مَا فِينَا كَافِرٌ وَلَا مُنَافِقٌ، جَذَّ اللَّهُ أَقْدَامَهُمْ. يَعْنِي بِقَوْلِهِ: جَذَّ اللَّهُ أَقْدَامَهُمْ قَطَعَ اللَّهُ أَقْدَامَهُمْ، وَأَصْلُ الْجَذِّ الْقَطْعُ، يُقَالُ مِنْهُ: جَذَذْتُ الْحَبْلَ فَأَنَا أَجُذُّهُ جَذًّا، وَهُوَ حَبَلٌ مَجْذُوذٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: ١٠٨] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: ١٠٨] غَيْرَ مَقْطُوعٍ، وَلَكِنَّهُ دَائِمٌ لِأَهْلِهِ مُتَّصِلٌ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْفَتِيتِ مِنَ الْخُبْزِ: جَذِيذَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُكَسَّرٌ مُفَتَّتٌ، صُرِفَتْ مِنْ مَجْذُوذَةٍ، وَهِيَ مَفْعُولَةٌ إِلَى فَعِيلَةٍ، فَقِيلَ: جَذِيذَةٌ، وَالْجَذُّ، وَالْجَدُّ، وَالْجَذْمُ، وَالْجَزْلُ، وَالْقَصْلُ وَالْقَصْبُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَأَمَّا قَوْلُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ: لَوِ انْتَهَيْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، مُفْعَمٌ مِنَ الرِّجَالِ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: مُفْعَمٌ مِنَ الرِّجَالِ، مَمْلُوءٌ مِنْهُمْ، يُقَالُ مِنْهُ لِلْعَظِيمِ الْخَلْقِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ الْمُمْتَلِئِ لَحْمًا: فَعْمٌ، وَلِلسَّاقِ الْمُمْتَلِئِ مِنَ اللَّحْمِ: فَعْمٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ نَابِغَةَ بَنِي ذُبْيَانَ فِي صِفَةِ فَرَسٍ:
[البحر الطويل]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute