٣٤٦ - حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: رَآنِي أَبُو مِجْلَزٍ - وَقَدْ شَالَتْ قَدَمَايَ - فَقَالَ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ رَجُلًا سَاجِدًا قَدْ شَالَتْ قَدَمَاهُ، فَقَالَ: «تَجْعَلُهَا خَمْسًا وَهِيَ سَبْعٌ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنْ كَانَ الْأَنْفُ مِمَّا عَلَى الْمُصَلِّي إِمْسَاسُهُ الْأَرْضَ فِي سُجُودِهِ كَمَا عَلَيْهِ إِمْسَاسُهَا جَبْهَتَهُ إِذْ كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَجْهِ؛ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْتُ، أَفَرَأَيْتَ إِنْ تَرَكَ مُصَلِّي مَكْتُوبَةٍ إِمْسَاسَهُ الْأَرْضَ فِي سُجُودِهِ أَتُجْزِيهِ صَلَاتُهُ، أَمْ هِيَ غَيْرُ مُجْزِيَتِهِ حَتَّى يَسْجُدَ عَلَيْهِ سُجُودَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ؟ ⦗٢١١⦘ قِيلَ: قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ قَبْلِنَا فِي ذَلِكَ، عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ. فَأَمَّا الَّذِي نَقُولُ بِهِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْمُصَلِّي مَكْتُوبَةً قَدْ أُمِرَ بِالسُّجُودِ فِيهَا عَلَى الْآرَابِ السَّبْعَةِ، الَّتِي هِيَ وَجْهٌ، وَيَدَانِ، وَرُكْبَتَانِ، وَقَدَمَانِ، مُحَاذِيًا بِكُلِّ ذَلِكَ الْقِبْلَةَ، فَمَنْ تَرَكَ السُّجُودَ عَلَى إِرْبٍ مِنْهَا مُتَعَمِّدًا تَرَكَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ، فَإِنْ سَجَدَ عَلَيْهِنَّ غَيْرَ أَنَّهُ تَرَكَ إِمْسَاسَ جَمِيعِ أَجْزَاءِ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ ذَلِكَ الْأَرْضَ، وَأَمَسَّ الْأَرْضَ مِنْ كُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ بَعْضًا، مُحَاذِيًا بِهِ الْقِبْلَةَ رَأَيْنَاهُ مُخْطِئًا مُسِيئًا مُخَالِفًا مَا أُمِرَ بِالْعَمَلِ بِهِ، غَيْرَ أَنَّا وَإِنْ رَأَيْنَاهُ مُخْطِئًا مُسِيئًا، لَمْ نَرَ عَلَيْهِ إِعَادَةَ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَمَعَ الْجَمِيعَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ الَّتِي أُمِرْنَا بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا، عَلَى أَنَّ سَاجِدًا لَوْ سَجَدَ عَلَى بَعْضِهِ مُحَاذِيًا بِهِ الْقِبْلَةَ، وَتَرَكَ السُّجُودَ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنْ أَجْزَائِهِ وَهُوَ لِلسُّجُودِ عَلَيْهِ قَادِرٌ، أَنَّ صَلَاتَهُ مَاضِيَةٌ جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا بِتَرْكِهِ السُّجُودَ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ كَالسَّاجِدِ عَلَى جَبْهَتِهِ تَارِكًا السُّجُودَ عَلَى أَنْفِهِ وَهُوَ عَلَى السُّجُودِ عَلَيْهِ قَادِرٌ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَخَلَفِهِمْ أَنَّ صَلَاتَهُ مَاضِيَةٌ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. فَكَذَلِكَ حُكْمُ السَّاجِدِ مِنْ كُلِّ عُضْوٍ مِنَ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ الَّتِي أُمِرَ بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا، إِذَا سَجَدَ مِنْهُ عَلَى بَعْضِهِ مُحَاذِيًا بِهِ الْقِبْلَةَ، أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ، وَلَمْ تَلْزَمْهُ إِعَادَتُهَا، إِنْ كَانَ مُخْطِئًا بِتَرْكِهِ السُّجُودَ عَلَى جَمِيعِ مَا أَمْكَنَهُ السُّجُودُ مِنْهُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ كَالْوَاضِعِ فِي سُجُودِهِ بَطْنَ رَاحَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ دُونَ أَصَابِعِهِمَا، أَوْ أَصَابِعَهُمَا دُونَهُمَا، فَيَكُونُ بِتَرْكِهِ وَضْعَ مَا لَمْ يَضَعْ مِنْهُمَا عَلَى الْأَرْضِ مُخْطِئًا مُسِيئًا، غَيْرَ أَنَّا وَإِنْ رَأَيْنَاهُ مُخْطِئًا مُسِيئًا، فَلَا نَأْمُرُهُ بِإِعَادَةِ صَلَاتِهِ لِتَرْكِهِ وَضْعَ ذَلِكَ بِالْأَرْضِ، إِذَا كَانَ قَدْ وَضَعَ بِهَا بَعْضَهُ، كَذَلِكَ الْوَاضِعُ جَبْهَتَهُ بِالْأَرْضِ مُحَاذِيًا بِهَا الْقِبْلَةَ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْ أَنْفَهُ بِهَا فِي سُجُودِهِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا مُسِيئًا بِتَرْكِهِ وَضَعَهُ ⦗٢١٢⦘ بِالْأَرْضِ، فَإِنَّا لَا نَأْمُرُهُ بِإِعَادَةِ صَلَاتِهِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْوَاضِعِ أَنْفَهُ بِالْأَرْضِ دُونَ جَبْهَتِهِ نَظِيرَ الْقَوْلِ فِي وَاضِعِ رَاحَتَيْهِ بِالْأَرْضِ دُونَ أَصَابِعِهِمَا، أَوْ أَصَابِعَهُمَا دُونَهُمَا، لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ فَأَوْجَبَ الْإِعَادَةَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ عَلَى الْمُصَلِّي بِتَرْكِهِ الْوَضْعَ فِي الْأَرْضِ بَعْضَ أَجْزَاءِ عُضْوٍ مِمَّا أُمِرَ بِالسُّجُودِ عَلَيْهِ، مِمَّا هُوَ قَادِرٌ عَلَى السُّجُودِ عَلَيْهِ مُحَاذِيًا بِهِ الْقِبْلَةَ، وَلَمْ نَرَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ أَجْزَاءِ عُضْوٍ آخَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَالْأَمْرُ فِيهِمَا مُتَّفَقٌ إِعَادَةً، فَإِنَّهُ يُسْأَلُ الْفَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ، فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute