وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِيٍّ الَّذِي رَأَى بِهِ جَهْدًا، فَقَالَ لَهُ: «مَا لَكَ؟» فَقَالَ: الْخَمْصُ، فَإِنَّ الْخَمْصَ: أَصْلُهُ اضْطِمَارُ الْبَطْنِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْجُوعِ وَغَيْرِهِ. فَأَمَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْجُوعُ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا وُصِفَ بِاضْطِمَارِ الْبَطْنِ: رَجُلٌ خُمْصَانٌ، وَلِلْمَرْأَةِ خُمْصَانَةٌ، بِضَمِ الْخَاءِ فِيهِمَا، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَحْكِي عَنِ الْعَرَبِ سَمَاعًا مِنْهَا، الْفَتْحَ فِي خَاءَيْهِمَا، وَمِنِ الْخُمْصَانَةِ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ فِي صِفَةِ الْمَرْأَةِ:
عَجْزَاءُ مَمْكُورَةٌ خُمْصَانَةٌ، قَلِقٌ ... عَنْهَا الْوِشَاحُ، وَتَمَّ الْجِسْمُ وَالْقَصَبُ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: «خُمْصَانَةٌ» ضَامِرَةُ الْبَطْنِ وَأَمَّا قَوْلُ الْأَنْصَارِيِّ: فَاسْتَقَى كُلُّ دَلْو بِتَمْرَةٍ لَيْسَ فِيهَا خَدِرَةٌ: فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالْخَدِرَةِ، الْفَاسِدَةَ الْمُتَغَيِّرَةَ الطَّعْمِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: «تَارِزَةً» فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالتَّارِزَةِ: الْحَشَفَةَ وَأَمَّا قَوْلُ كَعْبٍ: إِنَّ اللَّهِ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا زَوَى عَنْهُ الدُّنْيَا: فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ زَوَى عَنْهُ الدُّنْيَا: قَبَضَهَا عَنْهُ وَمَنَعَهَا إِيَّاهُ، وَمِنْهُ الْخَبَرُ الْآخَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute