وَالْقَيْنُ لَا يَصْلُحُ إِلَّا مَا جَلَسْ ... بِالْكَلْبَتَيْنِ وَالْعَلَاةِ وَالْقَبَسْ
وأَمَا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، وَمَنْ قَتَلَ بِذَحْلِ الْجَاهِلِيَّةِ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «بِذَحْلِ الْجَاهِلِيَّةِ» : بِوَغْمٍ كَانَ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ، وَأَصْلُ «الذَّحْلِ» : إَسَاءَةُ الرَّجُلِ إِلَى آخَرَ فِي الْأَمْرِ، فَيُؤْخَذُ بِهَا الْمُسِيءُ، يُقَالُ لِلْمُسَاءِ إِلَيْهِ: «لَهُ عِنْدَ فُلَانٍ تَبْلٌ، وَذَحْلٌ، وَوَغْمٌ، وَطَائِلَةٌ، وَوِتْرٌ، وَتِرَةٌ، وَدِعْثٌ» وَذَلِكَ كُلُّهُ إِذَا كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ طَلِبَةٌ بِإِسَاءَتِهِ إِلَيْهِ، وَأَمَا إِذَا كَانَ الَّذِي لَهُ قِبَلَهُ طَلِبَةٌ بِدَمٍ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: «لَهُ قِبَلَهُ ثَأْرٌ، وَثُؤْرَةٌ» ، «وَالثُّؤْرَةُ» : الْمَصْدَرُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
قَتَلْتُ بِهِ ثَأْرِي، وَأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتِي ... وَكُنْتُ إِلَى الْأَوْثَانِ أَوَّلُ رَاجِعِ
وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ: «وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ أَوْ يَقْتُلَ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِأَخْذِ الْعَقْلِ، أَخْذَ الدِّيَةِ، يُقَالُ مِنْهُ: «عَقَلَ عَنْ فُلَانٍ عَشِيرَتُهُ» ، إِذَا أَعْطَوْا عَنْهُ دِيَةَ قَتِيلِهِ، وَعَقَلَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ: إِذَا غَرِمَ عَنْهُ دِيَةَ جِنَايَتِهِ. وَيُقَالَ: «بَنُو فُلَانٍ عَلَى مَعَاقِلِهِمْ» ، يَعْنِي بِذَلِكَ عَلَى دِيَاتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَوَاحِدَةُ الْمَعَاقِلِ مَعْقَلَةٌ وَيُقَالُ: «صَارَ دَمُ فُلَانٍ مَعْقَلَةٌ عَلَى قَوْمِهِ» ، أَيْ صَارُوا يَدُونَهُ فِي الْقَتْلِ، فَصَارُوا غُرَمَاءً وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ تُقْسَمُ عَلَيْهِمُ الدِّيَةُ لِيُؤَدُّوهَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute