٧٣٣ - حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ آلِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ عَائِشَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا كَانَتْ، تَقُولُ: «مَا فَقَدَ جَسَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَسْرَى بِرُوحِهِ» ، وَقَالَ: هَذَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا مُعَاوِيَةُ وَعَائِشَةُ يَذْكُرَانِ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ مَسْرَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، إِنَّمَا كَانَ مَسْرَى رُوحِهِ دُونَ جَسَدِهِ، وَأَنَّ الَّذِيَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِخْبَارِهِ عَمَّا عَايَنَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَرَأَى مِنَ الْعَجَائِبِ فِي السَّمَوَاتِ، وَوَحْيِ اللَّهِ إِلَيْهِ مَا أَوْحَى فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَافْتِرَاضِهِ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِ فِيهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كُلَّهُ رُؤْيَا نَوْمٍ لَا رُؤْيَا يَقَظَةٍ؟ قِيلَ لَهُ: أَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، وَلَا نَزَلَ عَنِ الْبُرَاقِ حَتَّى عَايَنَ مِنْ عَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا عَايَنَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَقَوْلٌ مِنْهُ قَالَهُ تَأَوُّلًا مِنْهُ ظَاهِرَ مَا فِي التِّلَاوَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا ذِكْرَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، فَقَالَ فِي ذَلِكَ بِحَسْبِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ كَمَا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْبَارَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ، أَوْ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ يُخْبِرُ بِذَلِكَ ثُمَّ نَسِيَهُ ⦗٤٤٨⦘. فَالصَّوَابُ كَانَ لَهُ أَنْ يَقُولَ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ وَفِي غَيْرِهِ مَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُ. وَلَيْسَ إِنْكَارُهُ مَا أَنْكَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ كَانَ صَحِيحًا عَنْهُ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْهُ، بِدَافِعِ شَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ جُمِعُوا لَهُ هُنَالِكَ فَصَلَّى بِهِمْ. وَذَلِكَ أَنَّ الْعَدْلَ إِذَا شَهِدَ شِهَادَةً عَلَى شُهُودٍ عَلَيْهِ، لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، بِقَوْلِ قَائِلٍ: لَا صِحَّةَ لِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، أَوْ لَا حَقِيقَةَ لَهَا، إِذَا لَمْ يَكُنْ لِقَائِلٍ ذَلِكَ حُجَّةٌ غَيْرَ قَوْلِهِ: «لَا صِحَّةَ لَهَا وَلَا حَقِيقَةَ» فَحُذَيْفَةُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، إِنَّمَا احْتَجَّ لِقَوْلِهِ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ قَوْلَهُ، بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ صَلَّى فِيهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ إِسْرَاءً بِهِ، فَقَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} [الإسراء: ١] . وَلَيْسَ لِلْقَائِلِ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحُجَّةِ، إِلَّا وَفِيهِ لِمَنْ قَالَ إِنَّهُ صَلَّى فِيهِ مِثْلُهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا خَبَرَ فِيهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى فِيهِ، وَلَا أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ، وَلَا أَنَّهُ نَزَلَ عَنِ الْبُرَاقِ، وَلَا أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ عَنْهُ، وَلَا أَنَّهُ رَبَطَهُ، وَلَا أَنَّهُ لَمْ يَرْبِطْهُ، وَإِنَّمَا فِيهِ الْخَبَرُ عَنْ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لِيُرِيَهُ مِنْ آيَاتِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ مَنْ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ، رِوَايَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَبَرًا عَنْهُ أَنَّهُ، قَالَ: صَلَّيْتُ فِيهِ، وَلَيْسَ فِي خَبَرِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ خِلَافٌ لِشَيْءٍ مِنْ إِخْبَارِ اللَّهِ عَنْهُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: ١] ، بَلْ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَحْقِيقًا لَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَشْبَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ خِلَافًا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ فِيهَا أَنَّهُ أَسْرَى بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى ⦗٤٤٩⦘ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارِكَ حَوْلَهُ لِيُرِيَهُ مِنْ آيَاتِهِ، وَمِنْ عَظِيمِ آيَاتِهِ أَنْ يَكُونَ جَمَعَ لَهُ مِنْ خَلْقِهِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ بِآلَافِ أَعْوَامٍ أَحْيَاءً فَصَلَّى بِهِمْ، وَخَاطَبُوهُ وَخَاطَبَهُمْ، وَكَلَّمُوهُ وَكَلَّمَهُمْ، فَأَعْظِمْ بِهَا آيَةً وَأَجْلِلْ بِهَا عِبْرَةً، فَإِنْ قَالَ: فَهَلْ مِنْ خَبَرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ، غَيْرَ هَذَا الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْتُ، فَإِنَّ سَائِرَ الْأَخْبَارِ غَيْرُهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ؟ قِيلَ: نَعَمْ. فَإِنْ قَالَ: فَاذْكُرْ لَنَا بَعْضَ ذَلِكَ. قِيلَ لَهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute