قَالُوا: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى الْخَبَرِ، لَقَدْ كَانَ عُمَرُ نَهَى مَالِكَ بْنَ أَوْسٍ حِينَ صَارَفَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَرِقَهُ بِذَهَبِهِ إِذْ رَآهُمَا يَتَصَارَفَانِ، وَمَالُ أَحَدِهِمَا حَاضِرٌ وَالْأَخَرِ غَائِبٌ وَلَكِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عَقْدُ الْبَيْعِ عَلَى ذَهَبٍ بِوَرَقٍ أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ، أَوْ هُمَا جَمِيعًا غَائِبَانِ بَاطِلًا، إِذَا تَعَاقَدَ الْمُتَبَايعَانِ الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ عَلَى مَوْصُوفٍ مَعْلُومٍ إِذْ لَمْ يَفْتَرِقَا إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ، لَمْ يَسْتَنْكِرْ مَا فَعَلَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ وَطَلْحَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا اسْتَنْظَرَ طَلْحَةُ مَالِكًا إِلَى انْصِرَافِ خَازِنِهِ مِنَ الْغَابَةِ أَعْلَمَهُمَا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَأَخْبَرَهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الِافْتِرَاقَ عَنْ غَيْرِ تَقَابُضٍ مِنْهُمَا لَمَّا تَبَايَعَا مِنْ ذَلِكَ كَانَ هُوَ الدُّخُولُ عِنْدَهُ فِي مَكْرُوهِ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، لَا عَقْدَ الْبَيْعِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِهِ. قَالُوا: فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ عَلَى كُلِّ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ نَسَاءً وَلَا يَجُوزُ شِرَاهُ وَبَيْعُهُ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ جَائِزٌ، إِذَا لَمْ يَفْتَرِقِ الْمُتَبَايعَانِ عَنْ مَجْلِسِهِمَا ذَلِكَ حَتَّى يَتَقَابَضَا مَا تَعَاقَدَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ مِنْ ذَلِكَ. قَالُوا: وَبَعْدُ، فَإِنَّ هَذَا قَوْلُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، الَّذِينَ يَثْبُتُ بِنَقْلِهِمُ الْحِجَّةُ، وَيَقْطَعُ مَا جَاءُوا بِهِ مُجْمِعِينَ عَلَيْهِ عُذْرَ مَنْ بَلَغَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute