للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ

١٠٩١ - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَنْبَأَنِي عُبَيْدُ بْنُ بَابِي: أَنَّهُ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ وَرِقًا بِذَهَبٍ أَوْ ذَهَبًا بِوَرِقٍ، فَقَبَضَ سِلْعَتَهُ. قَالَ: فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ أُرِيدُ مَنْزِلَهُ، فَلَقِيَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدَانِ، أَوْ أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقُلْتُ: بِعْتُ مِنْ هَذَا وَرِقًا بِذَهَبٍ أَوْ ذَهَبًا بِوَرِقٍ. قَالَ: فَأَيْنَ سِلْعَتُكَ؟ قُلْتُ: مَعَهُ. قَالَ: اجْلِسَا. فَأَخَذَ سِلْعَتَهُ فَرَدَّهَا إِلَيْهِ وَقَالَ قُولَا: لَيْسَ بَيْنَنَا بَيْعٌ، لَيْسَ بَيْنَنَا بَيْعٌ. فَقَامَا، فَقَالَا: لَيْسَ بَيْنَنَا بَيْعٌ، لَيْسَ بَيْنَنَا بَيْعٌ. فَقَالَ: انْطَلِقْ مَعَهُ، فَإِذَا حَضَرَتْ سِلْعَتُكَ فَبَايِعْهُ ⦗٧٥١⦘ وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِذَا لَمْ يَفْتَرِقِ الْمُتَصَارِفَانِ عَنْ مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَصَارَفَا فِيهِ إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ فَالصَّرْفُ جَائِزٌ مَاضٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا تَصَارَفَا عَلَيْهِ حَاضِرًا فِي حَالِ عَقْدِ الْبَيْعِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ، لِأَنَّ كُلَّ مُتَبَايِعَيْنِ بَيْعًا فَإِنَّهُمَا عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَعَاقَدَا فِيهِ عُقْدَةَ الْبَيْعِ بِأَبْدَانِهِمَا، لَمْ يَمْلِكِ الْمُشْتَرِي شَيْئًا عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا زَالَ مِلْكُ الْبَائِعِ عَمَّا كَانَ يَمْلِكُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بِعَقْدِ الْبَيْعِ حَتَّى يَفْتَرِقَا بِأَبْدَانِهِمَا. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَبَيِّنٌ أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ لَمْ يَمْلِكْ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ مَالِكَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا دَامَا فِي مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَصَارَفَا فِيهِ، فَسَوَاءٌ حَضَرَهُمَا مَا تَصَارَفَا عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا، إِذَا كَانَ قَدْ تَوَاصَفَاهُ فِي حَالِ عَقْدِ الصَّرْفِ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَصَارَفَا فِيهِ إِلَّا عَنْ تَقَابُضٍ. فَإِنِ افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ انْتَقَضَ حِينَئِذٍ الصَّرْفُ الَّذِي كَانَ تَعَاقَدَا بَيْنَهُمَا، الَّذِي كَانَ تَمَامُهُ يَكُونُ بِالتَّقَابُضِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ. وَمَنْ أَنْكَرَ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قِيلَ لَهُ: مَا قُلْتَ فِي رَجُلَيْنِ تَعَاقَدَا عَقْدَ السَّلَمِ بَيْنَهُمَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ عَلَى بَعْضِ مَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْمَالِ، وَتَوَاصَفَا الْمَالَ وَالْمُسَلَّمَ فِيهِ، ثُمَّ لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى أَحْضَرَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ الَّذِي أَسْلَمَهُ إِلَى صَاحِبِهِ فِي السِّلْعَةِ الَّتِي أَسْلَمَ فِيهَا؟ فَإِنْ قَالَ: السَّلَمُ بَاطِلٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ حَاضِرًا فِي حَالِ عَقْدِ الْمُسْلَمِ بِرُبَّانِهِ، وَيَعْقِدَانِ السَّلَمَ عَلَيْهِ، فَارَقَ قَوْلُهُ، وَخَرَجَ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي جَوَازِ عَقْدِ السَّلَمِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي هُوَ ثَمَنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَيْرُ حَاضِرٍ فِي حَالِ عَقْدِهِ، فَإِذَا لَمْ يَفْتَرِقِ الْمُتَبَايعَانِ عَنْ مَجْلِسِهِمَا ذَلِكَ إِلَّا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ مِنَ الْمُسْلِمِ ثَمَنَ مَا أَسْلَمَ فِيهِ ⦗٧٥٢⦘. وَإِنْ قَالَ: السَّلَمُ مَاضٍ جَائِزٌ إِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا إِلَّا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ ثَمَنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنَ الْمُسْلِمِ. قِيلَ لَهُ: فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْمُتَصَارِفَيْنِ، وَكِلَاهُمَا غَيْرُ جَائِزٍ افْتِرَاقُهُمَا عَنْ غَيْرِ قَبْضٍ، وَهَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ فِي الصَّرْفِ مَا قُلْتَ فِي السَّلَمِ، وَقَالَ فِي السَّلَمِ مَا قُلْتَ فِي الصَّرْفِ فَرْقٌ؟ فَلَنْ يَقُولَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ. وَبَعْدُ، فَإِنَّ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ الَّذِي قُلْتُ مُفَسَّرًا، ثَبَتَ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>