يَكُونَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ. وَكَذَلِكَ إِنْ أَحَالَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا اشْتَرَى مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ آخَرَ، كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ، ثُمَّ افْتَرَقَا قَبْلَ التَّقَابُضِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَشْرَكَ فِيهِ أَحَدُهُمَا شَرِيكًا ثُمَّ فَارَقَ صَاحِبَهُ قَبْلَ التَّقَابُضِ، فَقَبَضَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِكُ فِيهِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمُشْتَرِكِ صَاحِبَهُ. وَبَيِّنٌ أَيْضًا إِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ فِي انْتِقَاضِ الصَّرْفِ بَيْنَ الْمُصْطَرِفَيْنِ افْتِرَاقُهُمَا عَنِ الْمَجْلِسِ الَّذِي تَصَارَفَا فِيهِ قَبْلَ تَقَابُضِهِمَا مَا تَصَارَفَاهُ بَيْنَهُمَا، أَنَّهُمَا إِذَا تَقَابَضَا بَعْضًا وَأَخَّرَا بَعْضًا، ثُمَّ افْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا بِأَبْدَانِهِمَا قَبْلَ تَقَابُضِهِمَا مَا أَخَّرَا مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ فِيمَا تَقَابَضَاهُ مَاضٍ جَائِزٌ وَفِيمَا لَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى افْتَرَقَا بِأَبْدَانِهِمَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا مُنْتَقِضٌ، غَيْرَ أَنَّ لِمَنْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُمَا جَمِيعَ مَا كَانَ صَارَفَ عَلَيْهِ صَاحِبَهُ حَتَّى فَارَقَهُ بِبُدْنِهِ الْخِيَارَ فِيمَا قَبَضَ مِنْهُ، بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ راضيَا بِمِلْكِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا أَعْطَاهُ مِنْ سِلْعَتِهِ ثَمَنًا لِمَا ابْتَاعَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ جَمِيعَ مَا ابْتَاعَهُ مِنْهُ. وَفِي ذَلِكَ عَلَيْهِ نَقْضٌ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ السِّلْعَةِ يَشْتَرِيَهَا عَلَى السَّلَامَةِ فَيَجِدُ بِهَا عَيْبًا، ثُمَّ لَمْ يَتَبَرَّأْ إِلَيْهِ مِنْهُ صَاحِبُهُ، فَيَكُونُ لَهُ الرَّدُّ إِنْ شَاءَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ نَقْصٌ دَخَلَ عَلَيْهِ، وَالرِّضَا بِالْإِمْسَاكِ إِنْ شَاءَ. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ إِذَا تَقَابَضَا ثُمَّ افْتَرَقَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا الَّذِي تَصَارَفَا فِيهِ بِأَبْدَانِهِمَا، ثُمَّ وَجَدَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ بَعْضَهَا زَائِفًا فَرَدَّهُ عَلَى بَائِعِهَا مِنْهُ مَرِيدًا الْبَدَلَ مِنْهُ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِبْدَالِ مِنْهُ بِالصَّرْفِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ الْمُسْتَبْدَلُ مِنْهُ مَقْبُوضًا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ. وَذَلِكَ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّهُ إِذَا رَدَّهُ انْتَقَضَ الصَّرْفُ فِي قَدْرِ الْمَرْدُودِ مِنَ الدَّرَاهِمِ، فَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي عَلَى مَا قَدْ وَصَفْتُ. فَإِنْ رَضِيَ بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ فِي الْجِيَادِ مِنَ الدَّرَاهِمِ بِحِصَّتِهَا مِنْ دِينَارِهِ، كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا مَاضِيًا فِي قَدْرِ الْجِيَادِ مِنْهَا، وَالصَّرْفُ فِيهَا نَافِذًا، وَكَانَ لِرَبِّ الدَّرَاهِمِ الَّتِي بَاعَهُ إِيَّاهَا شَرِيكًا فِي دِينَارِهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مَا رَدَّ عَلَيْهِ مِنْ دَرَاهِمِهِ الْعَيْبُ الزَّائِفُ، فَإِنْ شَاءَ صَارَفَ صَاحِبَهُ ذَلِكَ الْفَضْلَ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute